الحمد لله.
أولاً :
إذا رأى الإنسان الذباب أو نحو ذلك من الحشرات ، الطائرة أو الزاحفة ، في دورات المياه ، ثم رآها في غرفة نومه على سريره أو على ثيابه أو على الجدران، فلا يلزمه غسل ملابسه أو بدنه ...؛ لأن الأصل طهارة المحل ، سواء كان ثوب المصلي ، أو فراشه ، أو مكان صلاته ، إلا إذا تيقن أو غلب على ظنه النجاسة.
ثانيا :
إذا افترضنا أن هذه الحشرة التي رأيتها في غرفتك ، هي نفس الحشرة التي رأيتها في
الحمام ، وأنها قد وقعت على النجاسة ، وحملت معها شيئا منها ؛ فإن ذلك كله لا يوجب
تنجيس ما وقعت عليه ، لأن النجاسة التي حملتها إنما هي نجاسة يسيرة ، يشق التحرز
عنها ، ويعم البلوى بها ، فلأجل ذلك خفف حكمها ، ودفع الحرج بها ؛ كما قال تعالى: (
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78، وقال تعالى: (
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185.
ومن قواعد الفقه المعتبرة:
أن المشقة تجلب التيسير، وكلما ضاق الأمر اتسع.
ومن الأمثلة التي أدخلها العلماء تحت هذه القاعدة: العفو عما لا يُدْرَك بالبصر من
النجاسات ؛ لمشقة التحرز عنه ، وعموم البلوى به .
وقد نص العلماء رحمهم الله
على هذه المسألة بعينها:
جاء في "مختصر خليل": " وعفي عما يعسر...وأثر ذباب من عذرة ".
قال شارحه: " يسير البول والعذرة يعلق بالذباب ، ثم يجلس على المحل : معفو عنه " .
انتهى من "التاج والإكليل"(1/206، 216) .
وجاء في "أسنى المطالب شرح
روضة الطالب"(1/15): " ولا ينجس الماء, ولا غيره بما لا يدركه طرف ، لقلته ؛ كنجس
يحمله ذباب برجله أو غيرها ، لمشقة الاحتراز عنه, وقضيته [ يعني : ومقتضى هذا
الكلام ] : أنه لا فرق بين وقوعه في محل, واحد, ووقوعه في محال, وهو قوي.." انتهى.
والله أعلم
تعليق