الحمد لله.
أولا :
هذه العلاقات التي تنشأ بين الشاب والشابة والتي تبدأ عادة بالنظر والإعجاب وتنتهي كثيرا بوقوع الفاحشة علاقات محرمة آثمة لا تفضي إلا إلى الشر والفساد والفتنة ، وقد قال الله عز وجل : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الإسراء/32
يقول الشيخ السعدي رحمه الله :
" والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ؛ فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 457)
فتعَرُّف الشاب بالفتاة الأجنبية ، ومحبة بعضهما البعض ، وما يتلو ذلك من لقاءات ومحادثات وعواطف جياشة كل ذلك وما شاكله ، كل ذلك من أوسع أبواب الفساد والفتنة ، وكل من سمع أو رأى ، عرف ذلك علم اليقين .
والقضية هنا ليست قضية سحر عملته أخته ، أو غير ذلك ؛ بل القضية أن هذه العلاقة بنيت على باطل من أول أمرها ، وأول درجات تصحيح ذلك ، وأوجب الواجبات عليهما في ذلك الأمر : أن يتوبا إلى الله ، الشاب والفتاة ، من تلك العلاقة المنحرفة ، ثم يبدآن صفحة جديدة مع الله ؛ ومن شرط توبة العاصي : أن يندم على ذنبه الذي فات منه ، وأن يقلع عنه ، وأن يعزم على عدم العودة إليه ، وكل واحد من هذه المقامات يستوجب من كل منهما أن يقطع علاقته بالآخر ؛ فهي علاقة باطلة محرمة من أساسها .
ثانيا :
لا مجال هنا لصلاة الاستخارة ؛ لأن صلاة الاستخارة إنما تشرع في الأمور المباحة التي يتردد الإنسان في معرفة وجه الخير فيها ؛ وأما الواجب أو المستحب فلا استخارة فيه أصلا ، لأنه مأمور بفعله شرعا ، وهكذا المحرم والمكروه ، لا استخارة فيه أيضا ، لأنه منهي عن فعله شرعا شرعها .
وينظر جواب السؤال رقم : (11981) .
فإذا تبين أنه لا وجه للاستخارة هنا شرعا ؛ وأن الواجب على الطرفين التوبة النصوح إلى الله ، وقطع علائق السوء بينهما ؛ فكل عاقل يعلم أن التعلق بالأوهام البعيدة ، والتعويل على من غاب عن الإنسان سفه في العقل ، وضياع لمصلحة المرء في دينه ودنياه ، ولهذا قيل : من أحالك على غائب فما أنصفك ؛ لقد أعرض هذا الشاب عن الزواج بالفتاة ، وهو بجانبها في نفس البلد ، فكيف تنتظره بعدما تركها وراح بعيدا ؟!!
فإذا تاب كل منهما ، وقطعا هذه العلاقة بينهما ، ثم رغب هو بعد ذلك في الزواج بها ، فلا حرج في ذلك ؛ لكن بشرط ألا تنتظريه ؛ بل انزعي صفحته السوداء من حياتك ، وابدئي صفحة جديدة ؛ فعسى الله أن يتقبل توبتك ، ويقيل عثرتك ، ويسترك بستره الجميل ، ويبدلك خيرا منه .
وللاستزادة يرجع جواب السؤال رقم : (117567) ، (148528) .
والله أعلم .
تعليق