الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يجبر مصابكم وأن يزيل آلامكم وأن يكتب لكم الأجر ، كما نسأله تعالى أن يهدي والدكم فقد أساء غاية الإساءة بذلك الإهمال المتعمد لأسرته التي أوجب الله تعالى عليه رعايتها والعناية بها ، وخاصة أن من فرَّط فيهم من أسرته هم الضعفاء منهم ، كما أن أباكم قد وقع في ظلم أمكم فلم يعطها حقها من النفقة ولم يعدل بينها وبين زوجته الأخرى ، كما أنه وقع في الظلم في العطية حيث أعطى أولاده من زوجته الأخرى دون أولاده من الزوجة الأولى ، وكل ما فعله أبوكم هو معاصٍ واضحة بيِّنة وتفريط فيما أوجب الله تعالى عليه ، وهو مستحق للوعيد إلا أن يتوب لربه ويرجع عن غيِّه ويقيم العدل في أسرتيه ويصلح ما أفسده ، فإن فعل ذلك وجد ربَّه توَّاباً رحيماً .
ثانياً:
مع كل ما فعله والدكم فإنَّ حقَّه في البرِّ والطاعة في المعروف محفوظان بنص الشرع ، وإذا كان الله تعالى قد ذكر حق الوالد المشرك – بل والداعي لأولاده لأن يشركوا بربهم عز وجل – بالبر والصحبة بالمعروف فلأن يكون ما دونه في السوء أولى وأحرى بذاك البر وتلك المصاحبة بالمعروف ، قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 ، فإذا استحق الأب الوعيد على معاصيه وتفريطه في الواجبات الشرعية ، فإن الأولاد العاقين وغير البارين بوالديهم متوعدون – كذلك - على أفعالهم ، وليس من الجائز مقابلة العقوق بعقوق ولا مقابلة الظلم بظلم .
ثالثاً:
أما البغض القلبي للوالد العاصي أو الكافر فإن الأولاد لا يلامون عليه ، ولا يتنافى هذا مع برِّه وطاعته بالمعروف ، لكن عليك أن تمسكي لسانك عن الإساءة إليه ، وأن تمسكي يدك أيضا عن الإساءة إليه .
وبما أن الأمر قد وقع من والدكم ، وقد تحملتم من الآلام ما تحملتم ، فإننا نوصيكم باحتساب ما جرى معكم عند الله ، ونوصيكم بالدعاء لوالدكم بالهداية والتوبة وإصلاح ما أفسد ؛ فهو أحوج ما يكون لرحمة الله تعالى والمن عليه بالتوبة .
وانظري جواب السؤال رقم ( 148924 ) .
والله أعلم
تعليق