الحمد لله.
إذا كان الأمر على ما وصفتَ من كون ذاك الصديق قد طلب منك أن تبحث له عن سيارة مقابل عمولة محدَّدة وقد تمَّ ذلك بالفعل وحَّلت له طلبه واشتراها من صاحبها : فإنه يلزم ذاك الصديق أن يدفع لك ما اتفقتم عليه من العمولة ، وهذا العقد التي تمَّ بينكما هو ما يُطلق عليه في الشرع " السمسرة " وهو عقد شرعي يجب أن يلتزم طرفه الأول بدفع العمولة اللازمة في ذمته للطرف الآخر ، وليس هذا الحق الذي لزمه من الصدقة أو الهبة ، بل هو حق لازم في ذمته لمن وعده بأجرة سعيه ليجد له مطلوبه ، قال الإمام البخاري في " صحيحه " : " باب أجرة السمسرة ، ولم يرَ ابنُ سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً " .
وانظر أجوبة السؤال رقم ( 45726 ) و ( 106444 ) و ( 121386) .
وليس هناك شبهة في أن تلك العمولة هي من خالص حقك ، وأنه لا يحل له التهرب من دفعها ، فضلاً عن جحودها وإنكارها ، وإذا كان يشترط رضا المعطي بإعطاء شيء من ماله ؛ فهذا الرضا قد وقع وحصل عند الاتفاق بينكما ؛ فأنت لم تجبره على أن يطلب منك ذلك ، ولم يكن لك صفة تكرهه على قبول الاتفاق معك ، من حيث المبدأ ؛ فلو قدر أنه بخل بعد ذلك ، أو أن نفسه لم تطب بالمال الذي أخذته ، فهذا شيء لا قيمة له ، بل هو يستحق الذم على شحه بأداء الواجب عليه .
ويمكنك توسيط بعض معارفه ممن
يستحيي منهم لتحصيل حقك ، وليعلم أنه إن أكل عليك تلك العمولة ، فإنما يأكل حراماً
وسحتاً ، قال تعالى ( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
البقرة/ 188 ، ومثل هذا الذنب لا تكفِّره التوبة والاستغفار حتى يؤدي الحق الذي
عليه ، وإلا لقي الله وهو المفلسين الذين تُؤخذ منهم بدل المال حسنات أو تُلقى عليه
سيئات المظلوم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا
فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ
مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ
أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) رواه البخاري ( 6169 ) .
وانظر حديث المفلس في جواب السؤال رقم (
2470 ) .
والله أعلم
تعليق