الحمد لله.
أولا :
روى الترمذي (1084) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
والمقصود بمرضيّ الدين والخلق المسلم الملتزم المحافظ على فرائض الإسلام ، المنصرف عن معصية الله إلى طاعته سبحانه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، المتصف بمكارم الأخلاق ، المحب للعلم وأهله ، حَسن العشرة ، كريم الصحبة .
وليس معنى ذلك أنه لا يعصي الله قط ، ولا يلم بمعصية ؛ فمن ذا الذي ما ساء قط ؟ ولكن المقصود أن يكون الغالب على شأنه السلامة ، وصلاح الحال .
وينظر إجابة السؤال رقم (112068) ورقم (5202) .
ثانيا :
من كان محافظا على صلاته ، يعرفه أهل مسجده بذلك ، وهو مع ذلك حسن الخلق ، حسن السمت ، إلا أنه ربما قصّر في بعض الأمور ، كأن يأخذ من لحيته ، أو جهل أمرا من أمور الشرع ، أو نحو ذلك : فمثل هذا لا يُعدّ تقصيره سببا وجيها لردّه ابتداءً ، وإنما مثل هذا يرجى خيره ، ويعتبر طيب معدنه ، وحسن خلقه ، وحرصه على صلاته ، فإن تيسر لابنتكم مثل هذا ، فالنصيحة لكم أن تزوجوه ، ولا بأس من مناصحته فيما يعد مقصرا فيه ؛ لكن لا نرى لمثل هذا أن يرد ، إلا أن يوفق لكم من هو خير وأكمل حالا منه ، فحينئذ تكون المفاضلة بينه وبين غيره ، لكن إذا كان هذا ( الغير ) حاضرا بالفعل ، وليس غائبا ولا منتظرا .
ثالثا :
ردّك الخاطب غير الملتزم دون علم ابنتك عمل صواب لا شك في ذلك ، فمثل هذا يردّ من الباب ، ولا يُنكح ، وإن رضيت به البنت ؛ لأنك مؤتمن عليها ومسئول عنها ، فالواجب عليك أن تزوجها الكفء مرضيّ الدين والخلق ، وأن تمنعها من غير الكفء وإن رضيت به .
فحجب غير الملتزم عنها ابتداءً هو الصواب لئلا تتعلق به .
قال ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا اختارت من ليس بكفء في دينه ، فإن لوليها أن يمنع النكاح ، ولا حرج عليه في المنع حينئذٍ ، حتى لو بقيت بدون زوج ، وإذا لم ترض إلا بزوج لا يرضى دينه فإن لأبيها أن يمنعها " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (19/2) .
والله أعلم .
تعليق