الحمد لله.
أولا :
هذا الولد ينسب إلى أبيك ، ويكون ولده شرعا ، ما لم ينفه عنه باللعان ، ولا تكشفن عليه ، أنت وأخواتك ، لما ذكرت من اعتراف أمه بالزنا لوالدك ، ووجود الشبه بينه وبين الزاني ، إلا أن يكون قد رضع رضاعا يحرمه عليكن ، كالرضاعة من جدتك مثلا ، فإنه يصير عمك من الرضاعة ، وتكشفن عليه حينئذ دون حرج .
ودليل ثبوت نسبه ، مع الاحتياط في عدم الكشف عليه : ما روى البخاري (2053) ومسلم (1457) أَنَّ َسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تنازع هو وعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي عبدٍ لزَمْعَةَ ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هذا ابن أَخِي عتبة بن أبي وقاص ، عهد به إليَّ فهو ابنه ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : هذا أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ ، فَقَالَ : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، ثم قال لسودة بنت زمعة وهي إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها : ( َاحْتَجِبِي عنْهُ يَا سَوْدَةُ ) .
فحيث ولد المولود على فراش الزوجية ، فإنه ينسب للزوج ، ولا ينفى عنه إلا باللعان ، بأن يلاعن الزوج زوجته وينفي الولد عنه .
قال النووي رحمه الله في شرح
مسلم : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاحْتَجِبِي
مِنْهُ يَا سَوْدَة ) فَأَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا , لِأَنَّهُ فِي
ظَاهِر الشَّرْع أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا , لَكِنْ لَمَّا رَأَى
الشَّبَه الْبَيِّن بِعُتْبَةَ بْن أَبِي وَقَّاص ، خَشِيَ أَنْ يَكُون مِنْ
مَائِهِ ، فَيَكُون أَجْنَبِيًّا مِنْهَا ، فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ
اِحْتِيَاطًا ...
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : كَانَتْ عَادَة الْجَاهِلِيَّة
إِلْحَاق النَّسَب بِالزِّنَا ، وَكَانُوا يَسْتَأْجِرونَ الْإِمَاء لِلزِّنَا ،
فَمَنْ اِعْتَرَفَتْ الْأُمّ بِأَنَّهُ لَهُ أَلْحَقُوهُ بِهِ ، فَجَاءَ
الْإِسْلَام بِإِبْطَالِ ذَلِكَ وَبِإِلْحَاقِ الْوَلَد بِالْفِرَاشِ الشَّرْعِيّ ,
فَلَمَّا تَخَاصَمَ عَبْد بْن زَمْعَة وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص ، قَامَ سَعْد
بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عُتْبَة مِنْ سِيرَة الْجَاهِلِيَّة ، وَلَمْ
يَعْلَم سَعْد بُطْلَان ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام ، وَلَمْ يَكُنْ حَصَلَ إِلْحَاقه
فِي الْجَاهِلِيَّة , إِمَّا لِعَدَمِ الدَّعْوَى , وَإِمَّا لِكَوْنِ الْأُمّ لَمْ
تَعْتَرِف بِهِ لِعُتْبَة , وَاحْتَجَّ عَبْد بْن زَمْعَة بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى
فِرَاش أَبِيهِ فَحَكَمَ لَهُ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (10 /39) .
وينظر : سؤال رقم (100270)
.
ثانيا :
ما سبق من ثبوت نسبه شرعا ، يترتب عليه الإرث ، فهو أخوكم من جهة الأب ، ويجري
بينكم التوارث إن تحققت شروطه .
ثالثا :
زوجة أبيك محرمة على سائر أبنائه ، وتبقى هذه المحرمية مع طلاقها ، أو وفاة الأب .
فيجوز لإخوانك رؤيتها والدخول عليها في غير ريبة .
رابعا :
ينبغي أن تتعاملي مع هذه المرأة بأخلاق الإسلام الفاضلة إذا جمعكما مجلس واحد ، ولا
يحملك بغضك لها على ظلمها ، أو إساءة معاملتها ، وبإمكانك أن تجتنبي الاجتماع بها
قدر طاقتك .
ونسأل الله أن يصلح حالكم ، ويلطف بكم .
والله أعلم .
تعليق