الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أخوها من أبيها مشكوك في نسبه فهل يكون محرما ويرثها ؟

179837

تاريخ النشر : 17-06-2012

المشاهدات : 6150

السؤال


قصتي بدأت بعد وفاة أمي ، أراد أبي أن يتزوج ، فخطب ابنة أحد الجيران ، فرفضت الكبيرة المتعلمة ، ووافقت التي أصغر منها وغير متعلمة ، وأخلاقها غير سوية ، واشترط أبوها أن يزوجني لابنه الكبير ، وقتها كان عمري 13سنة ، فأجبرني أبي على الزواج من ابن هذا الرجل ، صارت خلافات بيني وبين زوجي فكان أبي يرجعني إليه بالضرب . أخلاق هذه المرأة لم تتغير ، دخل مرة عليها شاب أسود وعندما انتبهوا له هرب ولكن الشرطة أمسكته فقال : إنها هي التي فتحت الباب وأدخلته ، وأيضا كانت كثيرة الخروج في الليل ، تقابل رجل أسود متزوج ، وذلك بشهادة زوجته بأنها كانت تشاهدهما مع بعض ، بعدها حملت ، واعترفت لأبي أنه من ذاك الرجل وتريد إجهاضه ، لكن أبي رفض ، فولدت ولدا أسود شبيه ذاك الرجل ، رغم أني والدي أبيض البشرة وكذلك هذه المرأة . تدخل بعض الأقارب أن يطلقها أو يبلغ عنها , ذهبوا إلى المحكمة ، وعندما رأى القاضي الولد استنكر ، فأقسمت أنه من أبي ، وأبي لا يستطيع القسم لأنه لم يرها بعينه . لكن لأفعالها واعترافها له وشهادة زوجة ذاك الرجل ، فقضى بطلاقها وحضانة ولدها ، وأن يصرف عليه أبي بالمعروف إن شاء ذلك . وظل أهلها وراء أبي حتى كتب الولد باسمه ، وأخرج له شهادة ميلاد. سؤالي 1-كيف تكون علاقتنا بهذا الولد علما أن عمره الآن فوق 20سنه , وهل يكون محرم لي ويجوز أن أتكشف أمامه ؟ 2-هل يرث ويورث ، بصراحة عندما أراه من بعيد يقشعر جسمي منه ؟ 3-كيف تكون علاقة أخوتي الذكور بهذه المرأة ؟ 4-إنه عندما يجمعني بها مجلس واحد أحس بالاكتئاب والضيق والكراهية لزوجي لأنه وقف معها ولم يخطئها ، والكراهية لها لأنها أدخلت علينا ولدا ليس منا.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
هذا الولد ينسب إلى أبيك ، ويكون ولده شرعا ، ما لم ينفه عنه باللعان ، ولا تكشفن عليه ، أنت وأخواتك ، لما ذكرت من اعتراف أمه بالزنا لوالدك ، ووجود الشبه بينه وبين الزاني ، إلا أن يكون قد رضع رضاعا يحرمه عليكن ، كالرضاعة من جدتك مثلا ، فإنه يصير عمك من الرضاعة ، وتكشفن عليه حينئذ دون حرج .
ودليل ثبوت نسبه ، مع الاحتياط في عدم الكشف عليه : ما روى البخاري (2053) ومسلم (1457) أَنَّ َسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تنازع هو وعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي عبدٍ لزَمْعَةَ ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هذا ابن أَخِي عتبة بن أبي وقاص ، عهد به إليَّ فهو ابنه ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : هذا أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ ، فَقَالَ : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، ثم قال لسودة بنت زمعة وهي إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها : ( َاحْتَجِبِي عنْهُ يَا سَوْدَةُ ) .

فحيث ولد المولود على فراش الزوجية ، فإنه ينسب للزوج ، ولا ينفى عنه إلا باللعان ، بأن يلاعن الزوج زوجته وينفي الولد عنه .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَة ) فَأَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا , لِأَنَّهُ فِي ظَاهِر الشَّرْع أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا , لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَه الْبَيِّن بِعُتْبَةَ بْن أَبِي وَقَّاص ، خَشِيَ أَنْ يَكُون مِنْ مَائِهِ ، فَيَكُون أَجْنَبِيًّا مِنْهَا ، فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ اِحْتِيَاطًا ...
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : كَانَتْ عَادَة الْجَاهِلِيَّة إِلْحَاق النَّسَب بِالزِّنَا ، وَكَانُوا يَسْتَأْجِرونَ الْإِمَاء لِلزِّنَا ، فَمَنْ اِعْتَرَفَتْ الْأُمّ بِأَنَّهُ لَهُ أَلْحَقُوهُ بِهِ ، فَجَاءَ الْإِسْلَام بِإِبْطَالِ ذَلِكَ وَبِإِلْحَاقِ الْوَلَد بِالْفِرَاشِ الشَّرْعِيّ , فَلَمَّا تَخَاصَمَ عَبْد بْن زَمْعَة وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص ، قَامَ سَعْد بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عُتْبَة مِنْ سِيرَة الْجَاهِلِيَّة ، وَلَمْ يَعْلَم سَعْد بُطْلَان ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام ، وَلَمْ يَكُنْ حَصَلَ إِلْحَاقه فِي الْجَاهِلِيَّة , إِمَّا لِعَدَمِ الدَّعْوَى , وَإِمَّا لِكَوْنِ الْأُمّ لَمْ تَعْتَرِف بِهِ لِعُتْبَة , وَاحْتَجَّ عَبْد بْن زَمْعَة بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاش أَبِيهِ فَحَكَمَ لَهُ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (10 /39) .
وينظر : سؤال رقم (100270) .
ثانيا :
ما سبق من ثبوت نسبه شرعا ، يترتب عليه الإرث ، فهو أخوكم من جهة الأب ، ويجري بينكم التوارث إن تحققت شروطه .
ثالثا :
زوجة أبيك محرمة على سائر أبنائه ، وتبقى هذه المحرمية مع طلاقها ، أو وفاة الأب . فيجوز لإخوانك رؤيتها والدخول عليها في غير ريبة .
رابعا :
ينبغي أن تتعاملي مع هذه المرأة بأخلاق الإسلام الفاضلة إذا جمعكما مجلس واحد ، ولا يحملك بغضك لها على ظلمها ، أو إساءة معاملتها ، وبإمكانك أن تجتنبي الاجتماع بها قدر طاقتك .
ونسأل الله أن يصلح حالكم ، ويلطف بكم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب