الحمد لله.
ليس في الصلاة الجنازة ولا غيرها من الصلوات حدٌ للمسافة بين الصفوف ، بل جاء الأمر بالمقاربة مطلقاً من غير تقييد، لكن يراعى في غير صلاة الجنازة موضع الركوع والسجود أي يكون بين الصفين مقدار مسافة معقولة ، لكي يتمكن أهل الصف الثاني الركوع والسجود من غير أذية.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ ) رواه أبو داود(667) والنسائي(806)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
قال المناوي رحمه الله : " (وقاربوا بينها) : بحيث لا يسع بين كل صفين صف آخر ، حتى لا يقدر الشيطان أن يمر بين أيديكم ، ويصير تقارب أشباحكم سببا لتعاضد أرواحكم " انتهى من "فيض القدير" (14/11) .
وقال الشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله في ـــــ المقاربة بين الصفوف ــــ : " التقارب بين الصفوف، وبين الصف الأول والإمام، ولم يرد في السنة تحديد لذلك، ولعل المراد ـ والله أعلم ـ أن يجعل بين كل صف وما يليه مقدار ما يمكن فيه السجود براحة وطمأنينة " انتهى من "منح العلام شرح بلوغ" المرام(1/324).
ثانياً:
لا تختلف صلاة الجنازة عن غيرها من الصلوات في تسوية الصفوف والمقاربة بينها.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويستحب تسوية الصف في الصلاة على الجنازة ، نص عليه
أحمد .. وقال : يسوون صفوفهم, فإنها صلاة ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نعى
النجاشي في اليوم الذي مات فيه , وخرج إلى المصلى, فصف بهم , وكبر أربعاً ، متفق
عليه ، وروي عن أبي المليح أنه صلى على جنازة , فالتفت, فقال استووا لتحسن شفاعتكم
" انتهى من "المغني"(2/185).
وعليه : فالمشروع أن يصف
المصلون في صلاة الجنازة ، كما يصفون في سائر صلاتهم ، ويسوون صفوفهم .
وأما المسافة بين الصفين : فهذا لم يرد فيه تحديد في صلاة الفرض المعتادة ، وإنما
قدر أهل العلم المسافة بين كل صفين ، بمقدار ما يحتاج إليه في الركوع والسجود ؛
وهذه الحاجة منتفية في صلاة الجنازة ؛ فإذا احتيج في صلاة الجنازة إلى المقاربة بين
الصفوف لكثرة الجمع ـ مثلا ـ فلا حرج في ذلك .
وإن قاربوا بين صفوفهم في الجنازة عن صفوف الصلاة ، ولو من غير حاجة ، فلا يظهر في
ذلك حرج إن شاء الله ، وإن كان الأولى والأقوم للصفوف أن تبقى على حالها في صلاة
الفريضة .
والله أعلم
تعليق