الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

حكم أخذ تأمين من المستأجر مع إلزام القانون بدفع فائدة له

180168

تاريخ النشر : 27-09-2012

المشاهدات : 17889

السؤال


أعيش في ولاية ميرلاند في أمريكا ولديّ وحدة سكنية قمت بتأجيرها ، وعند دخول المستأجر لا بد أن يودع مبلغاً معيناً كتأمين على العين المؤجرة ، والقانون هنا يقضي بأن يدفع صاحب العين فوائد لهذا المبلغ كل ستة أشهر، وقد اقترب موعد الدفع ، وأريد أن أعفي نفسي من الحرج والوقوع في هذا الربا، أو على الأقل أجد طريقة شرعية لحل هذا الإشكال ، فما النصيحة التي يمكن أن تقدموها لي ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
المقرر عند جمهور أهل العلم أن المستأجر أمين على العين المؤجرة ، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .
قال في "المغني" (5/ 311) : " فإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين , فالشرط فاسد ; لأنه ينافي مقتضى العقد ، وهل تفسد الإجارة به ؟ فيه وجهان , بناء على الشروط الفاسدة في البيع ، قال أحمد , فيما إذا شرط ضمان العين : الكراء والضمان مكروه ، وروى الأثرم , بإسناده , عن ابن عمر , قال : لا يصلح الكراء بالضمان ، وعن فقهاء المدينة أنهم كانوا يقولون : لا نكتري بضمان , إلا أنه من شرط على كري أنه لا ينزل متاعه بطن واد , أو لا يسير به ليلا , مع أشباه هذه الشروط , فتعدى ذلك , فتلف شيء مما حمل في ذلك التعدي , فهو ضامن , فأما غير ذلك , فلا يصح شرط الضمان فيه , وإن شرطه لم يصح الشرط " انتهى .
وكذلك الصيانة ، لا يلزمه إلا صيانة ما تلف بتعديه أو تفريطه ، وأما ما تلف بالاستعمال المعتاد ، فلا يلزمه صيانته ، بل يلزم المؤجر ذلك ليوفر له عينا صالحة للإجارة إلى نهاية المدة.
وفي "الموسوعة الفقهية" (1/ 286) : " ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر , لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة , فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب . وإن سكن المستأجر , لزمه أجر المثل , وله ما أنفق على العمارة , وأجر مثله في القيام عليها إن كان فعل ذلك بإذنه , وإلا كان متبرعا " انتهى .
ثانيا :
يجوز أن يؤخذ مال من المستأجر كتأمين يستفاد منه في صيانة ما تلف بتعديه وتفريطه ، أو استيفاء ما يتأخر في دفعه من الإيجار ، وهذا المال لا يجوز للمؤجر أن ينتفع به ، بل يكون أمانة عنده ، ويجوز أن يستثمره بإذن المستأجر ، على سبيل الشركة معه ، أو المضاربة له .
وهكذا كل مال أُخذ على سبيل التأمين أو لضمان الجدية في المزادات والمرابحة والإجارة ، يبقى ملكا لصاحبه ، لا يُتصرف فيه إلا بإذنه .
جاء في "المعايير الشرعية" ص 134 عن هامش الجدية : " يجوز للمؤسسة أن تطلب من الواعد بالاستئجار أن يدفع مبلغاً محدداً إلى المؤسسة تحجزه لديها لضمان جدية العميل في تنفيذ وعده بالاستئجار وما يترتب عليه من التزامات ... وهذا المبلغ المقدم لضمان الجدية إما أن يكون أمانة للحفظ لدى المؤسسة فلا يجوز لها التصرف فيه، أو أن يكون أمانة للاستثمار بأن يأذن العميل للمؤسسة باستثماره على أساس المضاربة الشرعية بين العميل والمؤسسة " انتهى .
ولا يجوز إلزام المؤجر بدفع فائدة على هذا المال للمستأجر ؛ لما في ذلك من الربا المحرم ، بل لا يجوز أن يأخذ المؤجر هذا المال على سبيل القرض الحسن أيضا ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ، رواه الترمذي (1234) وأبو داود (3504) والنسائي (4611) ، وصححه الترمذي وابن عبد البر والألباني .
والإجارة داخلة في ذلك لأنها بيع للمنافع .
فلا يكون هذا المال إلا على سبيل الأمانة ، أو أن يستثمر بإذن صاحبه .
والمخرج مما ذكرت أمران :
الأول : أن تتفق مع المستأجر على إعفائه من مبلغ التأمين ، أو إعفائك من الفائدة الربوية ، مع بيان أنك لن تطالبه إلا بصيانة ما تعدى فيه أو فرط .
الثاني : أن تبين له حرمة الربا ، وأن هناك بديلا مشروعا ، وهو استثمار هذا المال في بنك غير ربوي ، أو على سبيل الشركة أو المضاربة ويكون له نسبة معلومة من الربح .
والمستأجر إن وجد ربحا أعلى من الفائدة الربوية التي يفرضها القانون ، فقد يغريه ذلك ، لكن الشأن في أن تجد مجالا للاستثمار المباح .
ونسأل الله أن ييسر أمرك ، ويعينك على طاعته ومرضاته .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب