الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

حكم التعاقد مع جهة تريد تسجيل الفواتير بأعلى من الثمن لتأخذ الزائد وتنفقه في مصلحة العمل

180435

تاريخ النشر : 26-06-2012

المشاهدات : 9068

السؤال


نحن شركة تعمل في مجال تصوير الكتب وتحويل المكتبات الورقية إلى مكتبات رقمية والأجهزة التي نحن وكلاء لها أجهزة متطورة وغالية الثمن لذا فعميلنا في الغالب جهات حكومية ومكتبات كبرى . للأسف الشديد تواجهنا صعوبات في الحصول على مشاريع ؛ لأننا نرفض وبشكل قاطع إعطاء رشوة للقائمين على الجهات المستهدفة بالنسبة لنا ، وأنتم تعلمون أن هذا الأمر منتشر جدا مؤخرا وفي أحد الأيام طلبت منا أحد المكتبات الكبرى توريد أجهزة مسح ضوئي لهم ، ولكن الموظف المسئول قال لي : إنه يريد فواتير بمبلغ أكبر من المبلغ الفعلي ، وأن هذا الفارق سيقوم بصرفه على المكتبات ، كما أن جميع موظفي المكتبة يعرفون ذلك ، ولكنهم سيجدون صعوبة لاستخراج ميزانية جديدة بسبب الإجراءات ، ولذلك يريدون فواتير بمبلغ أكبر عن القيمة الفعلية للأجهزة فرفضنا ذلك واعتذرنا . وبعد ذلك طلب منا أن نقوم بتقديم الخدمة كاملة ، من توريد أجهزة ، وتوفير موظفين ، وعمل تصوير للكتب ، وإدخال بيانات ، وغير ذلك مما يتطلبه إنشاء مكتبة رقمية كاملة ، ولكنهم سيتعاقدون مع شركة أخرى ، والشركة الأخرى بدورها ستتعاقد معنا من الباطن ، وسبب تمسكه بنا للقيام بالعمل هو تطور أجهزتنا وجودة مخرجاتنا . واستمر التفاوض بيننا على الأسعار والمواصفات حتى قدمنا لهم عرضا نهائيا ، وفي هذا اللقاء أعاد علي الموظف نفس الطلب وقال : أنت تعرف أنكم لن تدخلوا المشروع باسمكم ستدخل شركة أخرى ، وأنتم من ستتعاقدون معها ، أما لو كنت تريد أن تدخل باسمك فسيكون بالطريقة التي أخبرتك بها ، وهو يعني هنا أن نقدم أوراق وفواتير بمبلغ أكبر من المبلغ الفعلي .
والسؤال هنا : هل يجوز لنا قبول هذا المشروع بتعاقدنا مع الشركة التي ستتعاقد مع المكتبة ، رغم علمنا كما تبين أن الشركة الوسيطة هذه يمكن الاستغناء عنها لو قبلنا التعاقد بمبلغ أكبر من المبلغ الفعلي ؟ وأن موظف المكتبة لم يدخل شركة أخرى كوسيط بيننا إلا من أجل إضافة مبلغ زائد عن التكلفة الفعلية التي وضعناها نحن للمشروع . مع الأخذ في الاعتبار أمرين : الأمر الأول : أن الموظف أكد أنه لن يضع المبلغ الزائد في جيبه وإنما سيصرفه على المكتبة وأن جميع الموظفين يعرفون ذلك . الأمر الثاني : هو أن هذا المشروع كان بمثابة أملنا الأخير لتحريك ركود مؤسستنا ولمعرفة الناس بنا وبكفاءة وتميز أجهزتنا ؛ لأن هذه المكتبة من أكبر وأهم المكتبات في المملكة ، ومجرد العمل معها سيعد دعاية جيدة لنا ، وقد كانت نيتنا في حالة عدم الحصول على هذا المشروع هي إغلاق المؤسسة والتوقف عن ممارسة النشاط . يعني أننا في أمس الحاجة لهذا المشروع .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز للموظف المسئول عن المكتبة أن يطلب فواتير بمبالغ أكبر من المبالغ الفعلية ، ولو كان غرضه الاستفادة من الفارق في مصلحة المكتبة ؛ لأنه غير مخوّل بذلك ، وليس له أن يكذب ويدعو غيره للكذب والتزوير بحجة صعوبة استخراج ميزانية جديدة ، وفي فتح هذا الباب فساد كبير لا يخفى ، فإن بعض الجهات تأخذ ميزانية لا تستحقها ، أو تقصر في إيجاد المشاريع النافعة لجهتها ، فتلجأ إلى مثل هذه الحيل ، مع ما قد يؤدي إليه ذلك من فساد الذمم ، والاعتداء على المال .
وعلى هذا الموظف أن يسلك الطرق النظامية لأخذ المال ، وأن يصرفه في وجوه واضحة يمكن لجهات الرقابة الوقوف عليها وتقييمها .
ثانيا :
لا يجوز إعانة هذه الجهة على ما ترتكبه من الكذب ومخالفة النظام ، إعانة مباشرة ، أو عبر وسيط يزيد الشر ، ويضيف إلى المبلغ المأخوذ بغير حقٍ نسبتَه وربحه .
ونحمد الله أن رزقكم التحري والبعد عن المكاسب المحرمة ، ونسأله تعالى أن يوسع في رزقكم ، وأن يبارك في مالكم .
ومما ينبغي أن يعلم أنه من اتقى الله تعالى كفاه ووقاه ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، كما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2 ،3.
فلا تيأسوا ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على طلبه بمعصية الله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته ) .
رواه أبو نعيم في الحلية ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2085) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب