الحمد لله.
إذا أثنى العبد على الله في دعائه بما يصح أن يكون ثناء عليه سبحانه ، مما يشتق من أسمائه الحسنى وصفاته العلى فلا حرج عليه في ذلك .
قال النووي رحمه الله في "باب الدعاء لمن يقاتل" من كتابه "الأذكار" (ص 211) :
" ويقول : " يا قديم الإحسان ، يا من إحسانه فوق كل إحسان ، يا مالك الدنيا والآخرة ، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا من لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه شيء ، انصرنا على أعدائنا هؤلاء وغيرهم ، وأظهرنا عليهم في عافية وسلامة عامة عاجلا " انتهى .
ومدح المتنبي الشاعر بعض الملوك بقوله :
يا من ألوذ به فيمــــا أؤمله * ومن أعوذ به ممــا أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره * ولا يهيضون عظما أنت جابره
قال ابن كثير رحمه الله :
" وقد بلغني عن شيخنا العلامة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله أنه كان ينكر على المتنبي هذه المبالغة في مخلوق ويقول : إنما يصلح هذا لجناب الله سبحانه وتعالى .
وأخبرني العلامة شمس الدين بن القيم رحمه الله أنه سمع الشيخ تقي الدين المذكور يقول : ربما قلت هذين البيتين في السجود ، أدعو الله بما تضمناه من الذل والخضوع " انتهى من "البداية والنهاية" (11 /292)
وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
ما حكم الدعاء بغير الأسماء الحسنى مما صح معناه مثل قولهم : يا سامع الصوت ويا
سابق الفوت ويا كاسي العظام لحما بعد الموت ، يا دليل ، يا ساتر ، ونحو ذلك ؟
فأجاب :
" الله تعالى له أسماء كثيرة ، وقد اختلف العلماء في إحصاء عدد الأسماء الحسنى
اختلافا كثيرا ، وكلُّ ما صح إطلاقه على الله مدحا وثناء فهو من أسمائه سبحانه ،
وما يشتق من صفاته الفعلية إذا كان يظهر أنه مختص بالله فيجوز الدعاء به ؛ كفارج
الكربات ومغيث اللهفات ومصرف الرياح ومجري السحاب وهازم الأحزاب ، وأما إذا كان لا
يظهر اختصاصه بالله فلا يجوز الدعاء به ؛ مثل سامع الصوت وسابق الفوت ، وأما كاسي
العظام لحما بعد الموت فهو من جنس ماسبق : فارج الكربات ومغيث اللهفات .
كذلك لا يدعى سبحانه وتعالى بالأسماء التي لا يصح ذكره بها والثناء عليه ، وإنما
يجوز الإخبار بها عنه ، مثل موجود وشيء وواجب الوجود ، وأما الدليل والساتر فلم يرد
إطلاقهما على الله ، لكن إذا قيدا بما يدل على ما يختص به سبحانه جاز الدعاء بهما ،
مثل يا دليل الحائرين ويا ساتر العورات . فأما دليل الحائرين فقد جاء عن الإمام
أحمد أنه قال لرجل : " قل يا دليل الحائرين " . وأما ساتر العورات فهو من جنس مقيل
العثرات ، لا ينصرف إلا إلى الله تعالى " انتهى باختصار
http://ar.islamway.net/fatwa/34838
نقلا عن موقع الشيخ .
ومن هذا الباب : قول القائل في دعائه وثنائه على الله : " يا من اسمه دواء وذكره
شفاء " فهذه جملة صحيحة المعنى ، لا حرج في الدعاء بها ؛ لأنها لا أحد : اسمه دواء
، وذكره شفاء ، سوى الله جل جلاله ؛ ؛ فأسماء الله تعالى وذكره سبحانه دواء لما في
النفوس وشفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات والشبهات ، وكافة ما يصيب العبد من
نكبات الدنيا وهمومها وغمومها .
روى مسلم (2186) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ ؟ فَقَالَ نَعَمْ
. قَالَ : ( بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ
كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ )
وقال ابن القيم رحمه الله :
" الذكر شفاء القلب ودواؤه والغفلة مرضه ، فالقلوب مريضة وشفاؤها دواؤها في ذكر
الله تعالى . قال مكحول : ذكر الله تعالى شفاء وذكر الناس داء " انتهى من "الوابل
الصيب" (ص 99)
وينظر جواب السؤال رقم (165867) .
على أن الأفضل والأكمل في الأوراد التي يلازمها العابد ، ويديم عليها : أن تكون
بالأدعية والأذكار المأثورة ، فهي أعظم بركة ، وأرجى لحصول المقصود .
وينظر إجابة السؤال رقم (153274) .
والله أعلم .
تعليق