الأربعاء 3 جمادى الآخرة 1446 - 4 ديسمبر 2024
العربية

هل يشرع لنا فعل أذان عثمان يوم الجمعة ونحن ممنوعون من الجهر بالأذان أصلاً ؟

182169

تاريخ النشر : 23-09-2012

المشاهدات : 38137

السؤال


ما حكم الأذان الأول قبل دخول الإمام في صلاة الجمعة لمسجد لا يوجد به سماعات خارجية وأعني مسجد الجامعة بالولايات الأمريكية بمدينة تلسا ؛ لأن الأذان الأول أتى به الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكانت الحكمة هي أن الأذان الأول للتذكير بقرب صلاة الجمعة ، وذالك لاتساع المدينة ، والذي في أطراف المدينة يصعب عليه سماعهم ، والحكمة الثانية أن يذكر الناس بموعد صلاة الجمعة وعليهم بترك الملهيات والأسواق والتوجه إلى المسجد ، والله أعلم . المسألة هي :
أن مسجد الجامعة لا يوجد به مآذن خارجية لتذكير الناس ، وأغلب الناس هناك تعودوا على وقت محدد طول العام على صلاة الجمعة ، فما حكم الأذان الأول لجامع " تلسا " حينما لا تتوفر فوائد الأذان الأول ؟ وهل من الأفضل أن اتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على سنَّة عثمان بن عفان رضي الله عنه ؟ لأنه في بعض الأوقات يكون بين الأذان الأول والأذان الثاني حينما يسلم الإمام أقل من عشر دقائق ! فما الواجب علينا فعله في هذه الحالة ؟ .

الجواب

الحمد لله.


الذي يُقطع به وعليه إجماع المسلمين أن الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر كان لها أذان واحد ، ولما كان عهد عثمان وتباعدت البيوت عن المسجد النبوي – وكان هو مسجدَهم الذي يجمعون فيه – رأى أن زاد أذاناً قبل الزوال بمدة على دار له في السوق يقال لها " الزَّوْراء " تنبيهاً للناس على قرب صلاة الجمعة للاستعداد للذهاب إليها .
عن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ " .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ – أي : البخاري - : الزَّوْرَاءُ : مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ .
رواه البخاري ( 912 ) .
وقوله " زاد النداء الثالث " معناه أن للجمعة ثلاثة نداءات : الأذان الأول الذي زاده عثمان رضي الله عنه ، والأذان الثاني الذي يكون عند الخطبة ، والأذان الثالث وهو الإقامة ؛ لأن الإقامة تسمى أذاناً .
وقد أنكر بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنه وبعض أتباع التابعين كسفيان الثوري رحمه الله هذا الأذان مطلقاً ، ورضيه جمهور العلماء مطلقاً ولو كثرت الجوامع وتقاربت البيوت .
وتوسطت طائفة ثالثة من العلماء فقبلت بأذان عثمان لكن مقيَّداً بعلة إحداثه وإيجاده وهو كثرة البيوت وبُعدها عن المسجد ، والاستغناء عنه حال عدم الحاجة إليه .
والذي نراه : أنه ينبغي لمن أخذ بأذان عثمان أن لا يجعله تشريعاً مستقلاًّ ، بل هو اجتهاد صحابي جليل ، ومن أخذ بأذان عثمان رضي الله عنه فلا يَجعله بعد دخول وقت الزوال ، ولا يجعل بينه وبين الأذان الثاني فترة قصيرة ؛ لأنه لن يكون مفيداً في هذه الحال .

ونرى أن المذهب الوسط هو الصواب : وأن من استغنى عنه فلا حاجة لأن يقيمه ويفعله كأن يكون ثمة مكبرات للصوت ينادَى بها من خلالها ، وكوجود كثرة للمساجد التي تنادي بالأذان .
وهذا يقال في مثل حالتكم : فإنه إذا كنتم ممنوعين من رفع الأذان في مكبرات الصوت خارج المسجد ، لا الأذان الأول ، ولا الأذان الثاني ؛ فما الحاجة إلى تكرير الأذان داخل المسجد ، في حين أنه لا يسمعه إلا الحاضرون في المسجد ؛ وإنما الذي يظهر الاكتفاء بالأذان الأصلي لصلاة الجمعة ، كما هو الحال في باقي الصلوات ، إقامة لشعيرة الأذان بقدر الاستطاعة .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - : " لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد ؛ فقد علمنا مما تقدم أنه إنما زاد الأذان الأول لعلة معقولة وهي " كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد النبوي " فمن صرف النظر عن هذه العلة وتمسك بأذان عثمان مطلقا : لا يكون مقتدياً به رضي الله عنه ، بل هو مخالف لعثمان أن يزيد على سنَّته عليه الصلاة والسلام وسنَّة الخليفتين من بعده .
فإذن إنما يكون الاقتداء به رضي الله عنه حقّاً عندما يتحقق السبب الذي من أجله زاد عثمان الأذان الأول وهو " كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد " كما تقدم " انتهى من " الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة " ( ص 20 ) .

وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله - : " وحرصوا على إبقاء الأذان قبل خروج الإمام ، وقد زالت الحاجة إليه ؛ لأن المدينة لم يكن بها إلا المسجد النبوي ، وكان الناس كلهم يجمعون فيه وكثروا عن أن يسمعوا الأذان عند باب المسجد فزاد عثمان الأذان الأول ليعلم من بالسوق ومن حوله حضور الصلاة ، أما الآن وقد كثرت المساجد وبنيت فيها المنارات وصار الناس يعرفون وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة : فإنا نرى أن يُكتفى بهذا الأذان وأن يكون عند خروج الإمام اتباعاً للسنَّة ، أو يؤمر المؤذنون عند خروج الإمام أن يؤذنوا على أبواب المساجد " انتهى من هامش " سنن الترمذي " ( 2 / 392 ، 393 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 97888 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب