الحمد لله.
نص أهل العلم رحمهم الله : على أن المال إذا كان عند الإنسان بإذن من الشارع أو من المالك ، فهو أمانة .
والأمين لا يضمن ما تلف تحت يده ، إلا عند التعدي أو التفريط .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : [ إذا تلفت من بين ماله ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن ] ، وإن تلفت مع ماله فمن باب أولى ، فقوله : [ إذا تلفت ] يعني الوديعة ، [ من بين ماله ] بأن احترقت أو أفسدها المطر أو سرقها السراق دون أن يتأثر ماله بذلك ، فلا ضمان على المودَع ؛ لأنه أمين قبض المال بإذن من مالكه ، فكل من قبض مال غيره بإذن منه أو من الشارع فإن يده يد أمانة ، والقاعدة في الأمين أنه لا يضمن ما تلف تحت يده إلا بتعدٍّ أو تفريط بدليل قول الله تعالى : ( مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) التوبة / 91 ، والمودَع محسن ، فإذا كان محسناً فلا ضمان عليه ، لكن إن تعدى أو فرط ضمن .
والفرق بين التعدي والتفريط من حيث العموم : أن التعدي فعل ما لا يجوز ، والتفريط ترك ما يجب ، فإذا كان المودَع طعاماً فأكله المودَع عنده ، فهذا تعدٍّ ، وإذا كان طعاماً وأبقاه في ليالي الشتاء في الخارج فتلف ، فهذا تفريط ؛ لأنه ترك ما يجب .
فإذا قال قائل : لماذا قال المؤلف : [ من بين ماله ] ولم يقل : إذا تلفت ولم يتعدَّ ولم يفرط لم يضمن ؟
قلنا : إنه قال هذا إشارة إلى قول بعض العلماء إنها إذا تلفت من بين ماله فهي مضمونة مطلقاً ؛ لأن تلفها من بين ماله يدل على نوع تفريط ، وإلا فما الذي جعلها تتلف دون ماله ؟!
ولكن الصحيح ما قاله المؤلف : أنه لا ضمان على المودَع عنده إلا بتعدٍّ أو تفريط " .
انتهى من " الشرح الممتع " ( 10 / 68 ) .
فعلى هذا ، يُنظر في المانع الذي كان سببا في التأخير ، فإن كان مانعاً حقيقياً يُعذر به الإنسان ، فلا ضمان عليك ، وإن لم يكن هناك مانع حقيقي تعذر به في التأخير ، وإنما حصل التأخير منك كسلا أو تهاوناً ، فعليك الضمان ؛ لأنك مفرط .
ومعنى الضمان أن تدفع لتلك الجمعية نفس المبلغ الذي دفعه لك ذلك المتبرع .
والله أعلم
تعليق