الحمد لله.
أولا :
يُسنّ حال الجهر بالقراءة أن يكون وسطا ، لا يخفض الصوت كثيرا ولا يرفع كثيرا ؛ لما روى أبو داود (1329) والترمذي (447) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ : ( مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِكَ ) ، فَقَالَ : إِنِّي أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ ، قَالَ : ( ارْفَعْ قَلِيلًا ) ، وَقَالَ لِعُمَرَ : ( مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ ) ، قَالَ : إِنِّي أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ ، قَالَ : ( اخْفِضْ قَلِيلًا ).
صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وروى أبو داود (1327) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ مَنْ فِي الْحُجْرَةِ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ ) صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال القاري في "مرقاة
المفاتيح" (3/ 911):
" يَعْنِي كَانَ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ كَثِيرًا ، وَلَا يُسِرُّ بِحَيْثُ لَا
يَسْمَعُهُ أَحَدٌ ، وَهَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا، وَأَمَّا فِي
الْمَسْجِدِ فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهَا كَثِيرًا ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلكِ
" انتهى .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي
الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ
" انتهى من "نيل الأوطار" (3/ 73) .
وأما الإمام فإنه يجهر- في الصلوات الجهرية - بقدر ما تحصل به مصلحة سماع المؤتمين به .
ثانيا:
إن كان بجانبه من يتأذى برفع الصوت بالقراءة من مصلٍ أو مريض أو نائم خفض من صوته.
قال في "كشاف القناع" (1/441) : " وفي قراءة صلاة نفل ليلا يراعي المصلحة : فإن كان
بحضرته أو قريبا منه من يتأذى بجهره : أسرّ، وإن كان من ينتفع بجهره : جهر " انتهى
.
وجاء في "الموسوعة الفقهية"
(25/ 281):
" يُسْتَحَبُّ الإْسْرَارُ بِالْقِرَاءَةِ إِذَا كَانَتِ النَّافِلَةُ نَهَارًا
اعْتِبَارًا بِصَلاَةِ النَّهَارِ، وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإْسْرَارِ
فِي الصَّلاَةِ اللَّيْلِيَّةِ إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا ، وَالْجَهْرُ أَفْضَل
بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّافِلَةُ
أَوِ الْوِتْرُ تُؤَدَّى جَمَاعَةً فَيَجْهَرُ بِهَا الإْمَامُ لِيُسْمِعَ مَنْ
خَلْفَهُ ، وَيَتَوَسَّطُ الْمُنْفَرِدُ بِالْجَهْرِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه
الله :
" المقصود أنه إذا جهر يتحرى الجهر الخفيف الذي لا يتأذى به مصل ولا نائم " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (10/ 87) .
وينظر جواب السؤال رقم (113891)
.
والله أعلم .
تعليق