الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

يصومان بعد الناس بيوم ، ويفطران بعد الناس بيوم !

السؤال

لديَّ سؤال بخصوص حق الوالدين وطاعتهما في بعض الأمور، فوالداي يبدئان رمضان كل عام في يوم غير اليوم الذي يبدأ فيه الناس جميعاً، إنهما يتأخران يوماً عن بقية الناس، ثم إذا ما أتى يوم العيد فإنه يكون بالنسبة لهما اليوم الأخير من رمضان! ، وهذا الأمر يسبب لنا مشكلة عويصة كل عام لي ولأخواتي . إنهما يغضبان لو صمنا قبلهما، ويغضبان إن احتفلنا بالعيد قبل أن يحتفلا هما به ، ربما سيقاطعننا شهراً كاملاً دون أن يتحدثا معنا، لذا فقد دأبنا على إخفاء صيامنا عنهما عند البدء، ثم يوم العيد نتظاهر بأننا ما زلنا صائمين ، ولكننا نحتفل بالعيد سراً مع بقية الأسرة والأصدقاء. هذا العام تحسن الوضع قليلاً ؛ لأن أخويَّ وزوجتيهما جاءوا لقضاء رمضان مع أبي وأمي وقد قرروا أن يخالفوهما ، لكن يبقى السؤال عن الأعوام المقبلة وكيفية التعامل مع هذه المشكلة بحيث لا نُنقص من طاعتهما ولا نخالف بقية الناس .

الجواب

الحمد لله.

أولا :
لا شك أن طاعة الوالدين أو أحدهما في غير معصية الله من أعظم أعمال البر ، وأجلّ أنواع القرب .
أما طاعتهما أو أحدهما في معصية الله فلا تجوز .
قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله :
" أجمع العلماء على أن من أمر بمنكر لا تلزم طاعته ، قال الله عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) انتهى من "التمهيد" (23 / 277) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" طاعة الوالدين مشروعة فيما هو طاعة لله وما هو مباح ، أما طاعتهما في معصية الله فغير جائزة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22 /187) .
راجعي جواب السؤال رقم : (4270) ، (9155) ، (95575) .
ثانيا :
لا تجوز مخالفة أهل البلد في الصيام ولا في العيد ؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) رواه البخاري (1909) ، ومسلم (1081) .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ ) رواه الترمذي (697) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/ 202) .
وقَالَ الإمَامُ أَحْمَد رحِمهُ الله : " يَصُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ .
قَالَ أَحْمَد: يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/ 117) .
وقال ابن باز رحمه الله :
" الخلاف شر ، فالواجب عليك أن تكون مع أهل بلدك ، فإذا أفطر المسلمون في بلدك فأفطر معهم ، وإذا صاموا فصم معهم " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (15/ 100) .
راجعي جواب السؤال رقم : (12660) .

ثم إن تأخرهما عن الناس في الصيام يوما يعني إفطارهما يوما من أول رمضان ، ثم صيامهما يوم عيد المسلمين ، وكلاهما محرم لا يجوز .
فإذا انضم إلى ذلك خلافهما لجماعة المسلمين تأكدت الحرمة ، وصار الذنب عظيما ، فلا تجوز متابعتهما على هذا الفعل المنكر .

والواجب نصحهما بالحسنى ، والترفق لهما في الإرشاد ، والاستعانة في ذلك بسؤال أهل العلم واستفتائهم ليعلموا أن ما يفعلونه محرم في دين الله لا يجوز ، كما لا تجوز متابعتهما فيه ، وإن سخطا وتبرما ، فإنه لا يجوز طاعتهما في معصية الله .

وينبغي استغلال هذه المناسبة الطيبة ، مناسبة حضور الأخوين وأسرتيهما ، وعزمهما على مخالفتهما في ذلك ، للاستمرار على هذا الأمر دائما ، من الصيام يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطرون ، ومخالفتهما في ذلك ، وإعلامهما بهذه المخالفة ، وهذا الاجتماع لباقي الأسرة تمهيد طيب لذلك ، مع الاستعانة بالله ودعائه والافتقار إليه أن يهدي قلوبهما ، ويشرح صدورهما للحق .
ثم إن حصل منهما شيء من المقاطعة والهجران بعد ذلك ، فليس عليكم شيء من إثمه ووباله ، وإنما يعود ذلك عليهما ، إلا أن يهديهما الله للحق .
راجعي لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (245) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب