الحمد لله.
أما بالنسبة للمفرد والقارن فيجوز لهما تقديم سعي الحج بعد طواف القدوم في اليوم الثامن ، أما المتمتع فعليه سعيان : سعي لعمرته وسعي لحجه ، ولا يكفيه سعي واحد ، فلابد أن يسعى سعي الحج بعد طواف الإفاضة ، وطواف الإفاضة لا يكون إلا بعد الوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة .
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل يجوز للمتمتع تقديم سعي الحج في اليوم الثامن ، مقدمًا على طواف الإفاضة ؟
فأجاب :
" المتمتع لا يجوز له أن يقدم السعي على طواف الإفاضة ، لأن السعي في حق المتمتع إنما يكون بعد طواف الإفاضة ، فتقديمه قبل طواف الإفاضة جاء في غير محله فلا يجزئ " انتهى .
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :
" السعي ركن من أركان الحج ، بالنسبة للمتمتع لا بد أن يسعى بعد طواف الإفاضة ، القارن والمفرد إن لم يكونا سعيا بعد طواف القدوم ، لا بد أن يسعيا بعد طواف الإفاضة ، وهذا أمر معروف ، مجمع عليه " انتهى .
أما طواف الإفاضة ورمي الجمار والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة فلا يجوز تقديم شيء من ذلك في اليوم الثامن .
راجع إجابة السؤال رقم : (109230) .
ثانيا :
هدي التمتع والقران والهدي الواجب- لترك واجب - يجب أن يذبح في مكة ، ولا يجزئ في غيرها .
قال ابن العربي المالكي رحمه الله :
" وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْهَدْيَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْحَرَمِ " انتهى من "أحكام القرآن" (2/ 186) .
وقال فخر الدين الزيلعي الحنفي في " تبيين الحقائق" (2/ 90) :
" كُلُّ دَمٍ يَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) المائدة/95 ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) البقرة/ 196 ، وقَوْله تَعَالَى: ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) الحج/ 33 . وَلِأَنَّ الْهَدْيَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَى مَكَان ، وَلَا مَكَانَ لَهُ غَيْرُ الْحَرَمِ فَتَعَيَّنَ لَهُ " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (33795) .
أما إذا أراد الإنسان أن يذبح ذبيحة تطوعا ، ويهدي منها لفقراء الحرم ما شاء : فهو أمر مشروع ، وله أن يذبح ذبيحته حيث شاء .
ثالثا :
الهدي اسم لما يهدى إلى مكان ، والمكان الذي ينقل إليه الهدي ، ويذبح فيه : هو الحرم ، وذبحه فيه هو من تعظيم شعائر الله ؛ قال الله تعالى : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج/ 30 .
ولأن الحرم مكان تأدية المناسك ، فناسب أن يكون الهدي فيه ؛ لأنه من المناسك .
على أننا نقول :
إن الحكمة التامة في ذلك : هي أمر الله تعالى به ، وهذا هو مقتضى العبودية ، فكما أن الله خص الكعبة بالطواف ، وعرفة بالوقوف به في يوم التاسع ، ومزدلفة بالمبيت ، ومنى برمي الجمار فيها ، في مكان محدد لا ينتقل إلى غيره ، فهذا كله من مقتضى العبودية الله ، والتزام أمره ، ومنه أيضا : ذبح النسك ، حيث أمر الله عباده بذلك ، وسواء في ذلك تبينت لنا حكمة أخرى ، أو لم تتبين .
رابعا :
لا يجب على الإنسان أن يذبح هديه بنفسه ، ويجوز أن يوكل ثقة أمينا يتولى ذلك عنه .
راجع السؤال رقم (126662) .
وتوجد مكاتب وفروع بنكية أمينة للقيام بهذه الوكالة ، وإذا سألت بجوار الحرم دلوك على هذه المكاتب وتلك الأفرع .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (33795) .
والله أعلم .
تعليق