الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

مسيحية تسأل إن كان جائزا أن يصلي مسلم عنها صلاة الاستخارة

192950

تاريخ النشر : 29-03-2013

المشاهدات : 19312

السؤال


أنا مسيحية ، وعرفت أن في الإسلام صلاة اسمها صلاة الاستخارة ، هل يجوز أن مسلما يصلي باسمي أم ماذا أصنع ؟ أرجو إفادتي ، فأنا محتاجة إلى الرد ضروري .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا تصح النيابة في صلاة الاستخارة عن غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم ، بل ولا يجوز ذلك ؛ لأن صلاة الاستخارة عبادة ، والإسلام أول شرط من شروط صحة العبادات كلها ، فقد قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ) التوبة/54. كما يقول علاء الدين السمرقندي الحنفي : " الإسلام شَرط صِحَة الْأَدَاء بِلَا خلاف " انتهى من " تحفة الفقهاء " (1/350) .
فكما أن صلاة غير المسلم لا تصح ولا تقبل حتى يدخل الإسلام مؤمنا به ، فكذلك لا ينوب عنه أحد في أي من العبادات ، سواء كانت عبادة بدنية أم مالية أم مركبة منهما ، وسواء كانت صلاة فريضة أم صلاة نافلة يراد منها الدعاء كصلاة الاستخارة .
ثانيا :
أما النيابة عن مسلم في صلاة الاستخارة ، فقد اختلف العلماء في جوازها ، على قولين :
القول الأول : الجواز ، وأن الاستخارة عن الغير نافعة بإذن الله ، وهو قول بعض متأخري المالكية والشافعية ، واختاره بعض المعاصرين .
يقول العدوي المالكي رحمه الله :
" كان بعض المشايخ يستخير للغير ، وقال بعض الفضلاء : يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ) أن الإنسان يستخير لغيره ، وفي الاستدلال بما ذكر شيء كما في بعض الشراح " انتهى من حاشية العدوي على " شرح مختصر خليل للخرشي " (1/38) .
وجاء في " حاشية الجمل " (1/492) من كتب الشافعية :
" ظاهر الحديث أن الإنسان لا يستخير لغيره ، وجعله الشيخ محمد الحطاب المالكي محل نظر فقال : هل ورد أن الإنسان يستخير لغيره ؟ لم أقف في ذلك على شيء ، ورأيت بعض المشايخ يفعله ".
القول الثاني : عدم الجواز ، وأن صلاة الاستخارة لا تدخلها النيابة ، وهو قول الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله ، واختاره كل من الشيخ صالح الفوزان ، والشيخ عبدالكريم الخضير حفظهما الله تعالى .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا أعلم في هذا دليلاً ، إنما جاءت السنة فيمن أراد الشيء : ( إذا هم أحدكم بأمر ؛ فليصلِّ ركعتين ، ثم ليقل ) ، فالسنة لمن همَّ بالأمر وأشكل عليه يستخير هو ، أما فلان يستخير لفلان لا أعلم له أصلاً ، ولكن الرجل أو المرأة كلٌ منهم يستخير لنفسه ، ويدعو بالدعاء الذي يعرف ، إذا كان ما يعرف الدعاء الوارد في الحديث ، يسأل ربه اللهم يسر لي الأصلح ، اللهم اشرح صدري للأصلح للأحب إليك ، لما فيه صلاحي ، يدعو بالدعوات التي تناسبه " .
انتهى من موقع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على الرابط الآتي :
http://www.binbaz.org.sa/mat/15597
ويقول الشيخ صالح الفوزان:
" لا يستخير لغيره ، إنما يستخير لنفسه ، إذا هم بالأمر وأشكل عليه هل يمضي فيه أو لا يمضي ، فإنه يصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يدعو بعدها بدعاء الاستخارة لنفسه ، لا لغيره " انتهى نقلا عن موقع الشيخ حفظه الله على الرابط الآتي :
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13625
ويقول الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله :
" لا يجوز أن تصلي صلاة الاستخارة عن أمك ، فالصلاة لا تقبل النيابة ، ولكن إن دعا الإنسان لأمه أن ييسر الله لها ما فيه مصلحتها في دينها ودنياها ، أو يدفع عنها ما فيه ضرر في دينها أو بدنها أو غير ذلك فلا بأس " انتهى نقلا عن موقعه على الرابط الآتي :
http://www.khudheir.com/text/1657
وسبق في موقعنا في الفتوى رقم : (134612) ترجيح القول بمنع النيابة فيها ، فمن باب أولى أن لا نرى صحة أداء صلاة الاستخارة عن غير المسلم .
ثالثا :
مع تقديرنا لحرص تلك السائلة وإعجابها بهذه العبادة الخاصة ، التي يلجأ فيها المسلم لربه سبحانه وتعالى ، فيتولاه برعايته وخيرته ، فإننا في الوقت نفسه ندعوها لاحترام خصوصية الشعائر الدينية ، واتباع الشروط والأركان التي لا تصح ولا تقبل بين يدي الله إلا بها ، وأهمها الدخول في الإسلام الذي هو دين الأنبياء جميعا ، فلتجعل تلك الفرصة سببا في البحث والتأمل في أحقية هذا الدين العظيم ، وأن الدخول فيه سبب للأمان في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب