السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

المرأة المسلمة توازن بعقل بين نوافل الطاعات وبين حقوق زوجها ومتطلباته .

193755

تاريخ النشر : 29-03-2013

المشاهدات : 23550

السؤال


لقد منَّ الله علي بالزواج من رجل ملتزم ولم يتم البناء بعد ، وأنا لله الحمد ملتزمة نوعاً ما ، وهذا من فضل ربي أسأل الله الثبات . وسؤالي هو أني أصلي صلاة التهجد ومواظبة عليها لي عدة سنوات ، وكذلك قيام الليل ، وصلاة الضحى ، وما بين المغرب والعشاء ، والسنن الراتبة ، وبعض النوافل الأخرى ، ولي وردي الخاص من القرآن أقرؤه بشكل يومي ، المهم أنه قد اقترب موعد زفافي ولا أعرف كيف أتعامل في هذه الفترة ، أقصد الفترة الأولى من الزفاف .

وسؤالي :
هل أبقى كما أنا من ناحية النوافل والصلاة ، أم أخفف قليلا إلى أن يستقر الوضع وتعود الحياة كسابق عهدها ويعود هو للعمل ونحوه ؟ لأني خائفة ، ولا أعرف كيف التصرف ، سمعت أنه الأفضل أن اخفف قليلا خاصة أني أصلي 10 ركعات تهجد ، وقيام الليل 8 وأنام على وضوء وأصلي ما شاء الله لي في ذاك الوضوء غير 8 ركعات ، لا أعرف كيف أوازن في حياتي الجديدة ما بين عبادتي وبين زوجي ، لأني سمعت أنه يجب على العروس أن تكون أغلب وقتها بجانب زوجها بينما تستقر الحياة ويعود للعمل وتعود الحياة عادية .

فما نصيحتكم ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
اعلمي أختنا المسلمة أن العشرة بين الزوجين في شريعتنا المطهرة يجب أن تكون بالمعروف ، وعلى كل واحد من الزوجين حقوق للآخر يجب عليه الوفاء بها ، وقد روى البخاري (1975) ومسلم (1159) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ) .
وحق الزوج على زوجته عظيم كما هو معلوم .
روى أبو داود (2140) عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ) .
صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وروى أحمد (1664) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) .
صححه الألباني في "صحيح الجامع" (660) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) رواه البخاري (3237) ومسلم (1436) .
ثانيا :
ما أنت عليه من طاعة ربك خير وفضل وصلاح ، فاستمسكي بذلك وداومي عليه ولا تتركيه ؛ لأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ ، ولكن وازني بين هذه الطاعات وبين طاعة الزوج ، وخاصة في الفترة الأولى من الزواج ؛ حيث يحتاج كل من الزوجين إلى المؤانسة والملاطفة من الآخر ، فالقرب منه ومجالسته ومحادثته ومضاحكته مطلوب جدا ، خاصة في هذه الفترة . وأنت مع ذلك تحافظين على هذه الطاعات ، ولكن بصورة لا تتعارض مع طلبات الزوج ومؤانسته ، وخاصة حق الفراش ، وهذا أمر لا بد أن يكون منك دائما على بال ، فإذا كنت تكثرين من الصلاة بين المغرب والعشاء فتكفيك الركعتان بعد المغرب ، وخاصة أن هذا الوقت ربما احتاج الزوج أن تكوني فيه بجواره لمحادثته ومؤانسته .
وإذا كنت ممن يطيل صلاة الليل ، وتعارض ذلك مع رغبات الزوج : فخففي من صلاة الليل ، ولكن لا تتركيها ، بل قومي لها وأيقظيه للصلاة معك ؛ فقد روى أبو داود (1308) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .

وحافظي على ورد القرآن ، فإذا طلب منك الزوج طلبا وأنت تقرئين القرآن ، فسارعي إلى الاستجابة له ، ثم عودي لوردك ، وهو في ذلك كله لا يفقد منك المؤانسة والملاطفة وحسن الحديث والشعور بالمحبة ، وأنه عندك بالمقام الرفيع .

أما الصوم ، فلا يجوز لك أن تصومي صوم نافلة إلا بإذنه ؛ لما روى البخاري (5195) ومسلم (1026) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) .

ولاحظي أنه من تمام الود بينكما أن يشعر أنك بحاجة إليه ، فلا يكفي أن يطلب منك الشيء فتسارعي في الاستجابة ، ولكن لا بد أن يشعر أنه أنيسك وجليسك ، وأن رضاه محبوب لك ، فلا تنتظري أن يطلب منك أن تجالسيه ، ولكن اذهبي أنت إليه ، ولو استدعى ذلك تركك بعض ما أنت عليه من الطاعات ، متى وجدت منه أنسا بذلك ، وتطلعا إليه .
فأنت بالموازنة الحكيمة تستطيعين الجمع بين طاعة الله وطاعة الزوج ، إن شاء الله ، وهذه الحكمة تكتسبينها بصورة حسنة بعدما تتعرفين على طبيعة الزوج ومتطلباته بمعاشرته والتعرف عليه أكثر والقرب منه .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا , وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ) . رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

والزوج المسلم الملتزم بدينه لا شك أنه يسعد في حياته الزوجية عندما يرى زوجته مقبلة على ربه ، تسارع في مرضاته ، وهي مع ذلك لا تؤخر للزوج طلبا ، ولا تعصي له أمرا .

فإذا رأيت أن شيئا من ذلك قد يتعارض بوجه أو بآخر ، مع بعض رغباته وحاجاته : فقدمي رغباته وحاجاته ، ما لم يترتب على ذلك ترك واجب أو اقتراف محرم ؛ فإن الشارع الحكيم حرم على المرأة صوم التطوع إلا بإذن الزوج رعاية لحقه .

نسأل الله لك دوام القيام على طاعته ، وأن يجمع بينك وبين زوجك على خير .

راجعي للفائدة الأسئلة أرقام : (88353) ، (66621) ، (101130) ، (152936) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب