الحمد لله.
أولا :
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ ، مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وبيع الحيوان الحي بالحيوان الحي ليس من الربا سواء كان ذلك نقدا أو نسيئة ، متفاضلا أو متماثلا ؛ لما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: " جَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، حَتَّى نَفِدَتْ، وَبَقِيَ نَاسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اشْتَرِ لَنَا إِبِلًا بقَلَائِصَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ إِذَا جَاءَتْ ، حَتَّى نُؤَدِّيَهَا إِلَيْهِمْ ) ، فَاشْتَرَيْتُ الْبَعِيرَ بِالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِ قَلَائِصَ ، حَتَّى فَرَغْتُ ، فَأَدَّى ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ " رواه الإمام أحمد في مسنده (6593) وصححه الألباني في " الإرواء " (5/205) .
قال الشيخ عبد الله البسام
رحمه الله :
" الراجِح في ضابطِ الرِّبا أنَّه يَقَعُ بينَ المَكِيلِ والمَوْزونِ إذا كَانَا
مَطْعومَيْنِ ، فإذا فُقِدَ منه الكَيْلُ أو الوَزْنُ معَ الطُّعْمِ ، فلَيْسَ فيهِ
رِبَا فَضْلٍ ولا رِبَا نَسِيئَةٍ .
وبناءً عليهِ فلا رِبَا بينَ الحيواناتِ بَعْضِها ببعضٍ ، ولا هي معَ غَيْرِها
لفَقْدِ شَرْطِ الرِّبا في ذلكَ " انتهى من "توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام"
(3/30-31).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا بعت عليك خروفاً بخروفين فهذا جائز ؛ لأنه ليس بمكيل ولا موزون ، ولهذا كان
النبي صلّى الله عليه وسلّم يستقرض على إبل الصدقة ، فيأخذ البعير بالبعيرين ،
والبعيرين بالثلاثة ، وعلى هذا فلا ربا في الحيوان ما دام حياً " .
انتهى من "الشرح الممتع" (8 /409-410) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
اشتريت (30) ثلاثين رأسا من الغنم ، الرأس برأس ومائة ريال ، المائة حاصلة ، والغنم
بعد مهلة سبع سنوات ، وأصابني الشك من ذلك . فأرجو إفتائي .
فأجابوا : " مذهب جمهور العلماء أن ما لا كيل فيه ولا وزن ، كالثياب والحيوان
ونحوهما يجوز بيعه بجنسه أو بغيره ، متساويا أو متفاضلا مع نسيئة ، أي تأجيل أحد
العوضين أو بعضه ، وقبض العوض المقدم ؛ لئلا يكون بيع دين بدين المنهي عنه شرعا،
لكن يشترط أن يبين جنس العوض المؤخر ، وبيان عدده وصفته التي ينضبط بها ، وتحديد
مدة معلومة لتسليمه حتى لا يحصل غرر بسبب عدم ذلك، ويدل لمشروعية ذلك ما رواه عبد
الله بن عمرو بن العاص - فذكر الحديث المتقدم - ، ويدل لذلك أيضا ما ذكره البخاري
في صحيحه (3/41) في باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة ، واشترى ابن عمر رضي
الله عنهما راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه ، يوفيها صاحبها بالربذة، وقال ابن عباس
: قد يكون البعير خيرا من البعيرين ، واشترى رافع بن خديج رضي الله عنه بعيرا
ببعيرين ، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدا إن شاء الله .
وأما أحاديث النهي عن بيع
الحيوان بالحيوان نسيئة ، كالحديث الذي رواه الترمذي في جامعه (1237) عن سمرة رضي
الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة " -
فقد أعلها الإمام أحمد رحمه الله ، وقال : ليس فيها حديث يعتمد عليه ، وقال أبو
داود : إذا اختلفت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : نظرنا إلى ما عمل به
أصحابه من بعده .
وقد تواتر عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم جوازه متفاضلا ونسيئة ، وأمر به صلى
الله عليه وسلم كما سبق ، فدل ذلك على أنه الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
، فلا تقوى أحاديث النهي عن ذلك على المعارضة ، وعلى ذلك فإنه يجوز بيع ثلاثين رأسا
من الغنم بمثلها، كل رأس برأس ، أو أكثر وزيادة مائة ريال أو أقل أو أكثر، عن كل
رأس سواء اشترط قبض المائة في مجلس العقد ، أو اشترط تسليمها مع الثلاثين رأسا من
الأغنام المؤجلة ، بشرط بيان جنس الأغنام المؤجلة، وأوصافها ، وعددها، وتحديد مدة
معلومة لتسليمها " .
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (13 /277-279) .
والله أعلم .
تعليق