الحمد لله.
يجب على كل من ينشر نصيحة للمسلمين أن يتثبت ويدلل على نصيحته ، إلا إن كان لا يقصد النصيحة ، وإنما ترويج الشائعات والخرافات بين الناس ، فمثل هذا يتحمل وزره ووزر من لبَّس عليه وغرر به .
يقول الله عز وجل : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36 .
والمقال الذي ورد السؤال عنه ليس حديثا ولا أثرًا فيما نعلم ، وإنما هو كلام اخترعه بعض المزورين والمتكلفين ، الذين يشبهون القصاص في الزمان القديم ، يأتون في كلامهم بالطِّم والرِّم ، بغية الإثارة ، وإعجاب الناس .
وقد جمع هذا المتكلف في كلامه شيئا من الحق الصواب ، ولبسه بكثير من الباطل ، وما فيه من الأمور المشروعة ، زاد عليها بتكلفه ؛ فبدلا من أن يقول : يشرع كذا ، أو يستحب كذا ، قال : ويجب كذا .. ، وهذا كله تكلف وافتراء على الله ورسوله الكذب .
فمن الصواب فيه :
استحباب نفض الفراش قبل النوم ، وليس وجوب ذلك كما زعم ، واستحباب نفض الفراش إذا قام عنه ، واستحباب وضعي اليد على الفم عند التثاؤب .
وما في هذا الكلام من الأمور الصائبة المشروعة ، لايبيح لنا أن ننشره ؛ لأن صاحبه لبسه بكثير من الباطل ، ولا يكاد يخلو باطل ، ولا بدعة ، ولا دين من أديان الكفار والمشركين ، من شيء من الصواب ، لكن أهله لبسوه بكثير من الباطل الذي انحرف به عن دين الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأكْثر مَا ينْفق بَين الْمُسلمين مَا فِيهِ حق وباطل إِذْ الْبَاطِل الْمَحْض لَا يبْقى بَينهم وَذَلِكَ يتَضَمَّن التَّحَالُف على غير مَا أَمر الله بِهِ والتبديل لدين الله بِمَا لبس من الْحق بِالْبَاطِلِ وَهَذِه حَال الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر أهل الضلال فَإِنَّهُم عدلوا عَمَّا أَمرهم الله باتباعه ، فلبسوه بباطل ابتدعوه ، بدلُوا بِهِ دين الله ، وتحالفوا على ذَلِك الذي ابتدعوه " انتهى من "جامع الرسائل" (2/317) .
وقال أيضا :
"لَا بُدَّ فِي كُلِّ بِدْعَةٍ - عَلَيْهَا طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ - مِنْ الْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوَافِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ : مَا يُوجِبُ قَبُولَهَا إذْ الْبَاطِلُ الْمَحْضُ لَا يُقْبَلُ بِحَالِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/51) ، وينظر أيضا : "منهاج السنة" (5/168) .
والحاصل : أن ما في هذا الكلام المكتوب من الصواب والحق : لا يبيح نشره ، ولا دعوة الناس إليه ؛ بل هذا أدعى إلى رده ومنع الناس من نشره ، لما فيه من لبس الحق بالباطل ، وتحريف الدين بإدخال ما ليس منه فيه .
والله أعلم .
تعليق