الحمد لله.
الحواب :اختلف العلماء رحمهم الله : فيمن قال لزوجته : أنت طالق بالثلاثة ، هل يقع بذلك القول طلقة واحدة ، أو ثلاثة طلقات ؟ على قولين :
القول الأول : وهو مذهب جمهور أهل العلم : أن من قال لزوجته : أنت طالق ثلاثا ، أو بالثلاثة : فهي ثلاثة ، تبين بها المرأة من زوجها بينونة كبرى ، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً آخر نكاحاً صحيحاً – نكاح رغبة لا نكاح تحليل - .
القول الثاني : وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن
القيم : أن من قال لزوجته : أنت طالق بالثلاث ، فهي واحدة ، فيجوز للزوج في هذه
الحال أن يراجع امرأته ما دامت في العدة ، إذا لم يكن طلقها شيئا سوى ذلك .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" إذا طلق الرجل امرأته بالثلاث بكلمة واحدة ، كأن يقول لها : أنت طالق بالثلاث ،
أو مطلقة بالثلاث ، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تقع بها الثلاث على المرأة ،
وتحرم على زوجها بذلك حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ويطأها ، ثم
يفارقها بموت أو طلاق .
واحتجوا على ذلك : بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أمضاها على الناس .
وذهب آخرون من أهل العلم : إلى أنها تعتبر طلقة واحدة
، وله مراجعتها ما دامت في العدة ، فإن خرجت من العدة ، حلت له بنكاح جديد .
واحتجوا على ذلك : بما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان
الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعهد أبي بكر رضي الله عنهما وسنتين
من خلافة عمر رضي الله عنه : طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر رضي الله عنه : إن الناس
قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " ، وفي
رواية أخرى لمسلم : " أن أبا الصهباء قال : لابن عباس رضي الله عنهما : ألم تكن
الثلاث تُجعل واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعهد أبي بكر رضي الله عنه ،
وثلاث سنين من عهد عمر رضي الله عنه ؟ قال بلى " .
واحتجوا أيضاً : بما رواه الإمام أحمد في المسند بسند جيد عن ابن عباس رضي الله
عنهما : " أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثاً ، فحزن عليها ، فردها عليه النبي صلى
الله عليه وسلم ، وقال : ( إنها واحدة ) " ، وحملوا هذا الحديث ، والذي قبله ، على
الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة ؛ جمعاً بين هذين الحديثين ، وبين قوله تعالى : (
الطلاق مرتان ) ، وقوله عز وجل : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره
) الآية .
وذهب إلى هذا القول ابن عباس رضي الله عنهما : في رواية صحيحة عنه ، وذهب إلى قول
الأكثرين في الرواية الأخرى عنه .
ويروى القول : بجعلها واحدة ، عن علي ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام رضي
الله عنهما جمعياً ، وبه قال جماعة من التابعين ، ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة وجمع
من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذة
العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما ، وهو الذي أُفتى به ؛ لما في ذلك من العمل
بالنصوص كلها ، ولما في ذلك أيضاً من رحمة المسلمين والرفق بهم " انتهى من " فتاوى
إسلامية " (3/271) .
والمفتى به في موقعنا : أن طلاق الثلاث ، يقع واحدة ،
كما في جواب السؤال رقم : (96194)
وغيره من الأجوبة .
فعلى هذا : إذا كان هذا هو الطلاق الأول لأخيك ، أو
الثاني : فيجوز له في هذه الحال ، أن يراجع امرأته ما دامت في العدة ، وعدة الحامل
تنتهي بوضع الحمل .
وأما كيفية الرجعة ، فيكفي أن يقول الزوج لزوجته : لقد
راجعتك ، أو يقول : راجعت امرأتي ، أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على الرجعة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (185168)
.
والله أعلم .
تعليق