الحمد لله.
أولا :
الصورة المذكورة ، وهي المعتادة في مثل ذلك النوع من التعاملات : أن يدفع المشترك مبلغا محددا ، مقابل الاستفادة بخدمات الشركة ، حسب التعاقد الخاص بكل باقة ، أو كل فترة محددة ، أو نحو ذلك : هي ـ في حقيقتها ـ صيغة من صيغ عقد ( الإجارة ) .
وهي :
" عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض " انتهى من " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 1 / 252 ).
والإجارة جائزة بالاتفاق .
قال ابن المنذر في " الإشراف على مذاهب العلماء " ( 6 / 286 ) :
" فالإجارة ثابتة بكتاب الله عز وجل ، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
واتفق على إجازتها كل من نحفظ عنه قوله من علماء الأمة " انتهى .
والإجارة هي بيع ، لكنه بيع للمنافع ، لا للأشياء .
ومن شروط صحة الإجارة : أنّ تكون المنفعة مباحة ، ومعلومة ، ولها قيمة ، ويمكن
تحصيلها ، مع ذكر مدة الإجارة المتفق عليها ، إذا كانت الإجارة على زمن .
وهذه الشروط كلها متوفرة في الاتفاق بين المستهلك ، وشركات الاتصال ، بحسب الصورة
المذكورة للعقد ، وما يماثلها .
ثانيا :
إذا انتهت المدة المتفق عليها ، ولم ينتفع المستأجر بكل ما استأجره ؛ فما الحكم ؟
الإجارة المقيدة بمدة زمنية ، تنتهي بانتهاء هذه المدة ، سواء انتفع المستأجر
بالعين المستأجرة ، المدة كلها ، أو في بعضا المدة ، أو لم ينتفع بها مطلقا ، ما
دام المؤجر (مالك العين) قد مكنه من الانتفاع ، وخلَّى بينه وبين العين المستأجرة ،
وهو الذي فوت على نفسه الفرصة .
في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 1 / 271 ) :
" إذا كانت الإجارة محدّدة المدّة ، وانتهت هذه المدّة ، فإنّ الإجارة تنتهي بلا
خلاف " انتهى .
والمؤجر إذا مَكَّن المستأجر من المنفعة المتعاقد عليها في المدة الزمنية المتفق
عليها ، فإنّ المؤجر يستحق الأجرة كاملة بانتهاء هذه المدة ، ولو لم ينتفع المستأجر
بهذه المنفعة .
في " الاختيار لتعليل المختار " في المذهب الحنفي ( 2 / 55 ) :
" وإذا تسلّم العين المستأجرة : فعليه الأجرة ، وإن لم ينتفع بها " .
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي في " التلقين " في الفقه المالكي ( 2 /400 ) : " وإذا حصل التمكين : فالأجرة مستحقة ؛ استوفيت المنفعة ، أو لا " انتهى.
وقال النووي رحمه الله تعالى في " روضة الطالبين " ، في الفقه الشافعي ( 5 / 247
):
" إذا اكترى دابّة أو دارا مدّة ، وقبضها وأمسكها حتّى مضت المدّة ، انتهت الإجارة
واستقرّت الأجرة سواء انتفع بها في المدّة ، أم لا " انتهى .
وفي " منار السبيل " في الفقه الحنبلي ( 1 / 423 ) :
" ( وتستقر الأجرة بفراغ العمل ) ... ( وبانتهاء المدة ) إذا كانت الإجارة على مدة
، وسلمت إليه العين بلا مانع ، ولو لم ينتفع " انتهى .
وبناء على ما سبق : فإن المعاملة المذكورة : هي من نوع الإجارة الجائزة ، ويجب على المشترك أن يدفع قيمة الاشتراك كاملة ، ولو لم ينتفع بكامل ميزات الباقة ، ما دام هو الذي فوت على نفسه فرصة الانتفاع .
سُئِلَت اللَّجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن ( الباقات التي تصدرها شركة الاتصالات السعودية ) ، وهي مجموعة دقائق اتصال : محدودة بوقت معين ، وهي بسعر مخفض ، ومسدد ثمنها شهريًا ، مع رسم الاشتراك الشهري ( شهرين مقدمًا ) ، بدون تغيير الشريحة ، وإذا لم يستخدمها خلال هذا الوقت : فإنها تنتهي ، وليس للمشترك أن يطالب بالمبلغ الذي دفعه ) ؟
فأجابت اللجنة الدائمة :
" بعد دراسة اللجنة للاستفتاء ، أجابت : بأنه لا يظهر مانع شرعي يمنع من ذلك ؛ لأنه
من الإجارة الجائزة .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " .
http://cutt.us/uElp
والله أعلم .
تعليق