الحمد لله.
أولاً:
من نذر أن ألا يصلي في غرفة معينة أو في مكانٍ معين فهذا من النذر المباح ، والنذر المباح لا يلزم الوفاء به ، بل يُخير بين الوفاء بنذره وبين ترك العمل به وعليه كفارة يمين .
قال البهوتي رحمه الله : " نذر المباح ، كقوله : لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي فيخير بين فعله وكفارة يمين ؛ لحديث ابن عباس: ( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ هو برجل قائم ، فسأل عنه فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يقعد ولا يتكلم وأن يصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ) رواه البخاري .
فإن أوفى به أجزأه ; لأن ( امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف فقال : أوف بنذرك ) رواه أبو داود بمعناه وأحمد والترمذي وصححه من حديث بريدة، وكما لو حلف ليفعلنه - أي المباح -: فلم يفعل ، فإنه يكفر " .
انتهى من " كشاف القناع " (6/275).
ثانياً :
إذا فعل المنذور ناسياً فلا كفارة عليه ، لكن متى تمادى بفعله لزمه كفارة يمين ؛
لأنه متعمدٌ وتنحل يمينه بذلك ، كما لو نذر أن لا يلبس ثوباً معيناً ثم لبسه ، ثم
تذكر نذره فهو مُخيرٌ في هذه الحال ، إما أن يخلعه ولا شيء عليه وإما أن يتمادى في
لبسه وعليه كفارة يمين .
قال الشيخ ابن عثيمين : قوله : أي الحجاوي : " فإن فعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة
" لكن متى زال العذر، وأقام بعده حنث " انتهى من " الشرح الممتع "(15/138).
أما إذا تذكر نذره في صلاة الفريضة : لم يجز له قطعها ؛ لتحريم ذلك من غير ضرورة ،
ولا ضرورة هنا، بخلاف النافلة فله قطعها على القول الصحيح ؛ لأن أمرها أخف .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (34/52) : " قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا
مسوغ شرعي : غير جائز باتفاق الفقهاء ؛ لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة
العبادة ، وورد النهي عن إفساد العبادة ، قال تعالى : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) "
انتهى .
والحاصل : من نذر أن لا يصلي في مكان معين ، ثم صلى فيه ، ثم تذكر نذره في أثناء
الصلاة لم يجز له قطعها إن كانت فريضة ، بل الواجب عليه إتمامها .
ولا تلزمه كفارة يمين ؛ لأنه معذور في الشروع بالصلاة ، لأنه ناسٍ ، ومعذور في
الاستدامة ، لأنه مأمور بإتمام الفريضة ، فهو في حكم المكره .
والله أعلم .
تعليق