الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله أن يصلح أخاكِ ، وأن ينقذه من براثن المخدرات والمسكرات ، وأن يقرّ أعينكم وعين والدته بصلاحه واستقامته ، وليس ذلك على الله بعزيز ، ولا سيما أن فيه بذرة خير ، بدليل ما ذكرتِ من إلزام أخته بالحجاب ، وقراءته للقرآن ، وهذه دلائل خير فيه ، وعلامة على أن الخير منطبع فيه ، والشرّ إنما طارئ عليه .
ثانياً :
للعاقل الرشيد التنازل عن نصيبه من الإرث , ولا سيّما إذا كان للقريب المحتاج ، وهو في غنىً عن نصيبه .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه / 20 / 42 / : .. تريد إحدى أخواتي التنازل عن حقها في الميراث لي لمساعدتي على الزواج علما أنها متزوجة وفي حالة ميسورة هي وزوجها، فهل يجوز ذلك؟ أ فيدوني أفادكم الله .
فأجاب : " لا حرج عليك في قبول هبة أختك لك نصيبها من البيت مساعدة لك في الزواج إذا كانت رشيدة ؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على جواز تبرع المرأة بشيء من مالها لأقاربها وغيرهم " .
لكن هذا الحكم من حيث الأصل ، يعني : أصل جواز التبرع لأخيك ، أو لغيره ، بشيء من مالك ؛ لكن إذا كان حال أخيك ما ذكرت ، فليس لك أن تعطيه من مالك ما يبدده ، أو يستعين به على المعاصي ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) النساء/5 .
قال ابن كثير رحمه الله : " يَنْهَى تَعَالَى عَنْ تَمْكين السُّفَهَاءِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ قِيَامًا ، أَيْ: تَقُومُ بِهَا مَعَايِشُهُمْ مِنَ التِّجَارَاتِ وَغَيْرِهَا ، وَمِنْ هَاهُنَا يُؤْخَذُ الْحَجْرُ عَلَى السُّفَهَاءِ، وَهُمْ أَقْسَامٌ : فَتَارَةً يَكُونُ الحَجْرُ لِلصِّغَرِ ؛ فَإِنَّ الصَّغِيرَ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ ، وَتَارَةً يَكُونُ الحجرُ لِلْجُنُونِ، وَتَارَةً لِسُوءِ التَّصَرُّفِ لِنَقْصِ الْعَقْلِ أَوِ الدِّينِ ، وَتَارَةً يَكُونُ الْحَجْرُ للفَلَس .. " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/214) .
وينظر جواب السؤال رقم : (145437) .
وإنما الذي ننصحكم به أن تسعوا في إقامة مشروع له ، ليتكسب منه ، لكن لا تمكنوه من التصرف فيه ، لا ببيع ولا شراء ، ولا تمكنوه من التصرف في أموال هذا المشروع ، والعائد منه ، حتى تطمئنوا إلى أنه ترك ما هو عليه من الفساد ، وإلا كان تسليطا له على إفساد الأموال ، وإعانة له على فساده .
ثالثًا :
لا نرى في رسالتك ما يشير إلى أنك قد تسببت في ضياع أخيك ، أو قطع صلة الرحم بين الأسرة ، وإذا كنت تقصدين : ما كان من اعتراضك على إعطائه المال ليعمل به مشروعا فور مجيئه من الخارج ، فالذي يظهر لنا أن موقفك ذاك كان سليماً ؛ فإنه لا يؤمن عليه صرف المال في المسكرات والمخدرات وقتئذٍ ، ثم إن المقاطعة جاءت من قبله هو ، ولم تبادريه بالمقاطعة ، ومع ذلك كلّه ، له عليك حقّ النصح والإرشاد ، ووصله بما تقدرين عليه ، ولو مع مقاطعته لكِ ؛ فقد روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ؛ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) . وانظري جواب السؤال رقم : (120070) ، ورقم : (89757) .
رابعاً :
أما ما يمكن فعله بغية إصلاحه ، فأمور ، أهمها :
1- محاولة علاجه من الإدمان قبل كلّ شيء ، وعرضه على طبيب نفساني إن لزم الأمر ، مع
الاستمرار والمداومة على نصحه ، ووعظه ، بتبيين حرمة المخدرات والخمر ، والعقوبات
المترتبة على فعله .
وينظر جواب السؤال رقم : (32466)
، ورقم : ( 104976
) .
2- الاهتمام ببذرة الخير والدين التي في قلبه ، من أجل إبعاده عن ذلك الفساد ،
ومحاولة نقله إلى رفقة صالحة ، وأعوان له على الخير ، ومحاولة صرف أصدقاء السوء عنه
بكل وسيلة ، فهم السبب الأول في ضلاله ، ولا يمكن أن تستقيم حاله إلا بتركهم.
3- إذا رأيتم تحسنا منه واستجابة ، فهنا يأتي الدور على المساعدة المادية المناسبة
لحاله ، سواء اقتضى ذلك التبرع له بشيء من الميراث ، أو غير ذلك من المساعدات .
وينظر جواب السؤال رقم : (
175269) ، وإن
استطعتم عرضه على أخيك فحسن .
والله أعلم .
تعليق