الحمد لله.
لا حرج أن يسأل العبد ربه الأنس بقربه سبحانه ، قاصدا بذلك الأنس بذكره وتلاوة كتابه وطاعته ومحبته ومحبة شرعه ، أما مخالفته ومعارضة شرعه فإنها توجب الوحشة .
قيل لِذِي النُّونِ: مَا الْأُنْسُ بِاللَّهِ؟ قَالَ: " الْعِلْمُ وَالْقُرْآنُ "
انتهى من "حلية الأولياء" (9/ 377)
وكتب ابن القيم رحمه الله
إلى بعض إخوانه :
" احرص أَن يكون همّك وَاحِدًا وَأَن يكون هُوَ الله وَحده ؛ فَهَذَا غَايَة
سَعَادَة العَبْد . وَصَاحب هَذِه الْحَال فِي جنَّة مُعجلَة قبل جنَّة الْآخِرَة
وَفِي نعيم عَاجل كَمَا قَالَ بعض الصالحين : إِنَّه ليمر بِالْقَلْبِ أَوْقَات
أَقُول إِن كَانَ أهل الْجنَّة فِي مثل هَذَا إِنَّهُم لفي عَيْش طيب . وَقَالَ آخر
: مَسَاكِين أهل الدُّنْيَا خَرجُوا مِنْهَا وَمَا ذاقوا أطيب مَا فِيهَا . قيل
لَهُ وَمَا أطيب مَا فِيهَا ؟ قَالَ : معرفَة الله ومحبته والأنس بِقُرْبِهِ والشوق
إِلَى لِقَائِه " انتهى باختصار من "رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه" (ص 30)
وقال أيضا :
" خلق الله الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه ومحبته، والإخلاص له،
فبذكره تطمئن قلوبهم، وتسكن نفوسهم، وبرؤيته في الآخرة تقر عيونهم، ويتم نعيمهم ...
ولم يعطهم في الدنيا شيئا خيرا لهم ولا أحب إليهم، ولا أقر لعيونهم من الإيمان به،
ومحبته والشوق إلى لقائه، والأنس بقربه، والتنعم بذكره " انتهى من "إغاثة اللهفان"
(1/ 28)
فليجاهد العبد نفسه على ترك
هواها ، وعوائقها عن طريق الرب ، وقواطعها عن معرفته ، والأنس به ، والشوق إليه ،
من فضول الشهوات ، ورعونات النفوس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله :
" إِذَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ الْمَخْلُوقُونَ يَمْنَعُهَا الْكَلْبُ
وَالصُّورَةُ عَنْ دُخُولِ الْبَيْتِ. فَكَيْفَ تَلِجُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ، وَمَحَبَّتُهُ وَحَلَاوَةُ ذِكْرِهِ، وَالْأُنْسُ بِقُرْبِهِ، فِي قَلْبٍ
مُمْتَلِئٍ بِكِلَابِ الشَّهَوَاتِ وَصُوَرِهَا؟ " انتهى نقلا عن ابن القيم في
"مدارج السالكين" (2/ 391)
راجع لمزيد الفائدة إجابة السؤال رقم (183880) ورقم (101263)
والله أعلم .
تعليق