الحمد لله.
أولاً :
صلاة الجماعة لا تدرك - على الصحيح - إلا بإدراك ركعة مع الإمام ، أما مجرد إدراك التشهد أو ما قبل التشهد دون الركعة فلا يُعدُّ ذلك إدراكاً لصلاة الجماعة ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ ) رواه البخاري( 580 ) ومسلم( 607 ) .
ثانياً:
إذا رفع الإمام من الركوع ، فالأفضل للمسبوق أن يدخل مع الإمام على أي حال كان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم – : ( فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ) رواه البخاري(635) ومسلم (602) وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (31029) .
فإن غلب على ظنه إدراك جماعة
أخرى في مسجد آخر، فله ألا يدخل معه في هذه الحال، بل يتجه إلى المسجد الآخر.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : " بعض العلماء يرى أن الجماعة تدرك إذا كبر
للإحرام قبل أن يسلم الإمام ، وعلى هذا : فأنت مدرك لصلاة الجماعة .
وبعض العلماء يقول : إن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعةٍ تامة لقول النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم: ( من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) ، فإن مفهوم
هذا الحديث أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركاً للصلاة .
وهذا القول هو الراجح ، وبناءً على هذا فنقول : إذا أتيت للمسجد والإمام في التشهد
الأخير وأنت تعلم ، أو يغلب على ظنك ، أنك تدرك مسجداً آخر من أول الصلاة ، أو في
أثنائها : فلا تدخل مع الإمام ، واذهب للمسجد الآخر ، وإن كنت لا يغلب على ظنك أنك
تدرك جماعةً أخرى في غير هذا المسجد ، فادخل مع الإمام ، وما أدركت معه فهو خير ،
وإذا كان تخلفك هذا عن عذر فإنا نرجو أن يكتب الله لك أجر الجماعة كاملاً " انتهى
من فتاوى "نور على الدرب" .
ثالثاً:
إذا دخل المسبوق مع الإمام في آخر صلاته ، ثم أراد أن يغير نيته من الفريضة إلى
النافلة أثناء الصلاة ، ليدرك الجماعة في مسجد آخر : فلا حرج عليه في ذلك .
قال المرداوي في "الإنصاف"
(2/27): " إذا أحرم بفرض في وقته ، ثم قلبه نفلا :
فتارة يكون لغرض صحيح , وتارة يكون لغير ذلك .
فإن كان لغير غرض صحيح ، فالصحيح من المذهب : أنه يصح مع الكراهة ..
وأما إذا قلبه نفلاً لغرض صحيح , مثل أن يحرم منفرداً ، ثم يريد الصلاة في جماعة :
فالصحيح من المذهب أنه يجوز ، وتصح , وعليه الأصحاب , وأكثرهم جزم به " انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " دخلت مع الإمام في التشهد الأخير ، وعندما سلم
وقمت لأقضي ما فاتني : دخل جماعة المسجد ، وأقاموا الصلاة ، فهل يجوز لي أن أقطع
صلاتي لأصلي معهم حتى أحصل على أجر الجماعة ، أو هل يجوز لي أن أقلبها وأتمها خفيفة
؟
فأجاب: " يجوز لك أيها السائل قطعها من أجل الصلاة مع الجماعة ، ولك أن تقلبها
نافلة وتتمها ركعتين خفيفتين ، ثم تدخل مع الجماعة أكمل وأفضل من إتمامك صلاتك
وحدك. وفق الله الجميع " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز"(30/156).
وسئل علماء "اللجنة الدائمة"
(6/223): " إذا جئت والإمام في التشهد الأخير هل أدخل معه أم أبقى حتى يسلم ،
وأنتظر جماعة ثانية ، أو أبحث عن جماعة أخرى ، وإن دخلت فما الحكم؟
فأجابوا : الأولى أن تدخل مع الجماعة الأولى ولو كان الإمام في التشهد الأخير ، إلا
أن يغلب على ظنك وجود جماعة أخرى تبدأ معهم الصلاة بعد انتهاء الجماعة الأولى ، فلا
بأس بانتظارها .
وإذا دخلت مع الجماعة الأولى بعد رفع الإمام من الركعة الأخيرة ، وسمعت جماعة تقام
بعد انتهاء الجماعة الأولى : فيجوز لك تحويل الصلاة إلى نافلة ، ثم تدخل مع الجماعة
الثانية بعد فراغك منها .
أما إن أدركت مع الجماعة الأولى ركعة فأكثر : فلا يجوز لك قلب نية الفرض إلى نفل
لتصلي مع الجماعة الثانية ، لأفضلية الصلاة الأولى " انتهى.
والحاصل : أنه لا حرج عليك
فيما فعلت ، من أجل تحصيل الفضيلة الراجحة .
والله أعلم .
تعليق