الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

طبيب يسأل عن حكم وصف النظارات للمرضى مع ما فيها من ضرر

200036

تاريخ النشر : 30-04-2014

المشاهدات : 4545

السؤال


إني رجل أحرص كل الحرص على أن يكون دخلي حلالاً ، وقد درست طب العيون لسنوات ، وأتساءل الآن عن حكم وصف النظارات الطبية للمرضى ، فأنا أعلم جيداً ان النظارات تضر العيون ، وتؤثر على الدماغ ، فهي لا تزيد المريض إلا سوءاً ؛ لأنها تشتت التركيز ، وتضعف النظر ، لكن ما العمل والطريقة الطبيعية في علاج العيون قد تستغرق سنوات ، ربما سنتين أو أكثر أو أقل ، اعتماداً على الحالة ! فعلى سبيل المثال أنا شخصياً قد أمضيت سنتين في علاج عينيّ بشكل طبيعي ، وما زلت في منتصف الطريق ، فأيّ مريض ذاك الذي سيصبر طوال هذه المدّه ، والناس فيما نعلم يحتاجون حلولاً سريعة ناجزه . إن علاج النظر ليس بالنظارات كما يعتقد البعض ، لأن السبب الرئيس في ضعف النظر هو الضغط الذهني والهم والحزن ، وقد أكّد القرآن على هذه الحقيقة حيث قال "وابيّضت عيناه من الحزن فهو كظيم" .

فالسؤال إذاً :

هل يجوز لي أن أصف النظارات للمرضى في حين أني أنا شخصياً أتجنب هذه الطريقة في علاج نظري مستعيضاً بالطرق الطبيعية الأخرى ؟

الجواب

الحمد لله.

لا ندري عن دقة المعلومات التي ذكرتها حول النظارات وعلاج النظر وطريقته ، ولكن لو فرضنا صواب ما ذكرته ، فإن هذا لا يقتضي التحريم ، سواء في وصف النظارات للناس ودلالتهم عليها ، أو في العمل بهذا المجال .
وذلك لأن الضرر المقتضي للتحريم في الشريعة يشترط فيه :
1- أن يكون محقق الوقوع أو غالباً .
قال العز بن عبد السلام : " لَا يَجُوزُ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ الْغَالِبَةِ ، لِوُقُوعِ الْمَفَاسِدِ النَّادِرَةِ ".
انتهى من "قواعد الأحكام" (1/100).
وقال القاضي عياض : " مَا لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّرَرَ إلَّا نَادِرًا : لَا يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ؛ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ ؛ بِخِلَافِ مَا اسْتَلْزَمَهُ غَالِبًا ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ مُمْتَنِعٌ ؛ لأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ الظَّنَّ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ " انْتَهَى ، نقله عنه في "مواهب الجليل" (1/ 79) .
2- أن يكون ضرراً بيناً واضحاً ، بحيث يترتب عليه هلاك الإنسان ، أو تلف عضو من أعضائه ، أو تعطل منفعته ، ونحو ذلك .
أما الضرر الموهوم ، أو الضرر اليسير الذي يشق الاحتراز عنه ، أو يحتمله الناس عادة ، فلا اعتبار به .
والذي يظهر أن الضرر الذي في "النظارات" من هذا القبيل ، فإن عامة الناس يستعملون النظارات منذ أزمنة طويلة ، ولم يظهر أنها تسبب لهم ضررا بيناً ! قد يكون هناك شيء من الضرر الذي ذكرته ، لكنه ليس ضرراً مفضياً للتحريم .
وبما أنك ترى أن الطريقة الطبيعية هي الأجدى في علاج العيون : فمن الممكن أن تشرح للمريض ذلك وتبين له فوائد هذه الطريقة ، وسلبيات النظارات ، فإن طلب بعدها النظارات ، أو وصفتها له ابتداءً ، فلا حرج عليك في ذلك ، إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب