الحمد لله.
أولا :
لم تذكر لنا هذه الأفعال – التي وصفتها بالشركية - التي يفعلها والد زوجتك ، لنعلم من خلالها ما إذا كانت هذه الأفعال تنقض الإيمان حقا ، أم إنها مجرد بدع لا يخرج صاحبها بها من الدين ، ولا ينتقض بها عقد الإسلام .
ثانيا:
إذا كانت هذه الأفعال من قبيل الشرك الأكبر بالله ، كدعاء غير الله ، والذبح لغير الله ، ونحو ذلك ، ولم يتب صاحبه منه ، بعد البيان له ، وإقامة الحجة عليه ، فإن صاحبها يحكم بخروجه من دين الإسلام , , فقد سئل علماء اللجنة الدائمة : ما هو حكم الذبح للميت الذي يُدَّعَى أنه ولي الله ويُبنى عليه الجدران ؟ فأجابوا : " الذبح لمن ذكرت من الميت الذي يدعى أنه ولي لله نوع من أنواع الشرك ، وذابحها للولي مشرك ملعون ، وهي ميتة يحرم على المسلم الأكل منها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/194) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " الذبح لغير الله شرك أكبر ، لأن الذبح عبادة ، فمن ذبح لغير الله فهو مشرك شركا مخرجا عن الملة – والعياذ بالله – سواء ذبح ذلك لملك من الملائكة ، أو لرسول من الرسل ، أو لنبي من الأنبياء ، أو لخليفة من الخلفاء ، أو لولي من الأولياء ، أو لعالم من العلماء ، فكل ذلك شرك بالله – عز وجل – ومخرج عن الملة .
وأما الأكل من لحوم هذه الذبائح فإنه محرم ؛ لأنها أهل لغير الله بها ، وكل شيء أهل لغير الله به أو ذبح على النصب فإنه محرم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/148) .
وفي هذه الحالة فإن النكاح يكون باطلا ؛ لأن من شروط صحة الولي كونه مسلما , قال ابن قدامة رحمه الله : " أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال ، بإجماع أهل العلم ، منهم مالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي . وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم " انتهى من "المغني" (9/377).
ثالثا:
إذا كان الأب قد وقع في شيء مما يخرجه من الإسلام ، ثم تاب ورجع إلى الإسلام : فهو
أحق الناس بتجديد العقد , وإن كان باقيا على ضلاله : انتقلت الولاية لمن بعده من
العصبات المسلمين ، وأحق الناس بتزويج المرأة بعد أبيها: الجد ، ثم ابنها ، ثم الأخ
الشقيق ، ثم الأخ لأب ، ثم أبناؤهم ، ثم الأعمام ، ثم أبناؤهم ، ثم عمومة الأب ، ثم
السلطان (القاضي) .
فإن كانت المرأة قد تجاوزت أحدا مسلما من أوليائها : فإن هذا التجديد يكون قد وقع
باطلا ، أيضا ويحتاج إلى تجديد مرة أخرى ، يتولاه أولى الناس بالمرأة من عصباتها.
وينظر : الفتوى رقم : (36209) .
وأما إذا لم يكن أحد من عصباتها مسلما ، ووكلت المرأة أمرها إلى رجل عدل من
المسلمين يزوجها – كما في مسألتكم - فإن النكاح يقع صحيحا .
جاء في " المغني " لابن قدامة (7 / 18) : " فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان ،
فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها " انتهى.
وتوكيلها لهذا الشخص- من خلال وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف والنت ونحو ذلك -
ليكون وليها في عقد النكاح : جائز إذا أُمِن التلاعب , فإن العلماء قد أجازوا عقد
النكاح والإيجاب والقبول عبر وسائل الاتصال الحديثة ، كما بيناه في الفتوى رقم :
(105531) ، ولا شك أن عقد النكاح أعظم خطرا من مجرد التوكيل .
والله أعلم .
تعليق