الحمد لله.
أولاً:
لا ينبغي للمسلم أن يطيع غضبه ، ويسلم نفسه إليه ، فربما ورطه في قول أو فعل ، ثم عاد فندم ، ساعة لا ينفع الندم ؛ ولهذا لما قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَوْصِنِي ؟! قَالَ : لَا تَغْضَبْ ؛ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ : لَا تَغْضَبْ ) رواه البخاري (6116) .
ثم إنه لا يحل لعبد أن يدعو
على نفسه بالهلاك والموت ، أو يستعجل لها الشر ، لضر نزل به ، أو ضيق ، أو نحو ذلك
.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ
مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ
أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ
الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي )البخاري(5671) ، ومسلم(2680).
على أنه من رحمة الله تعالى
: أن جعل مرد إجابة الدعوة ، سواء كان الداعي مسافرا ، أو مظلوما ، أو نحو ذلك ،
إلى مشيئته واختياره .
والمأمول من كرم الله : أن من أخطأ في مثل ذلك ، فدعا بشر على نفسه ، أو أهله ، أو
ماله ، ثم تاب : أن يتوب الله عليه ، ويصرف عنه شر دعوته ، فلا يجيبه إلى ما طلب .
قال الشيخ ـ السعدي رحمه
الله ـ : عند تفسير قوله تعالى: ( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ
اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ
لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
وهذا من لطفه وإحسانه بعباده ، أنه لو عجل لهم الشر إذا أتوا بأسبابه ، وبادرهم
بالعقوبة على ذلك ، كما يعجل لهم الخير إذا أتوا بأسبابه ( لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ
أَجَلُهُمْ ) أي : لمحقتهم العقوبة ، ولكنه تعالى يمهلهم ولا يهملهم ، ويعفو عن
كثير من حقوقه ، فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة .
ويدخل في هذا ، أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله ، ربما دعا عليهم دعوة
لو قبلت منه لهلكوا ، ولأضره ذلك غاية الضرر ، ولكنه تعالى حليم حكيم " .
انتهى من تفسير الشيخ السعدي (1/359).
ولمعرفة موانع إجابة الدعاء ، ينظر جواب سؤال رقم : (84912)
.
ثانيا :
وأما بالنسبة ليمينك : فلا حرج عليك أن تسافر لمكة أو غيرها وعليك كفارة يمين؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا
مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) رواه مسلم (1650) .
بل يندب لك الحنث في يمينك ؛ لما فيه من الخير، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (143578).
والحاصل :
أن حلفك ، ودعاءك ، لا يمنعك من عمل الخير ، بعد أن تتوب إلى الله تعالى من تسرعك ،
وعجلتك في الدعاء ، وتعظم التوكل عليه سبحانه في أمرك كله .
والله أعلم .
تعليق