الحمد لله.
فقولك لزوجتك " إما أنا وإما الجامعة " ، له ثلاثة أحوال :
الحال الأولى :
أن تقصد به تخييرها بين إكمال دراستها الجامعية وبين الطلاق فهذا من باب التخيير , والتخيير إن اختارت المرأة فيه زوجها – كما في حالتك – فهذا قد اختلف فيه أهل العلم , والراجح من كلامهم أنه لا يقع به طلاق , قال ابن القيم رحمه الله " فالذي عليه معظم أصحاب النبي ونساؤه كلهن ، ومعظم الأمة ، أن من اختارت زوجها لم تطلق ، ولا يكون التخيير بمجرده طلاقا ، صح ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعائشة. قالت عائشة : ( خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم نعده طلاقا ).
وصح عن علي ، وزيد بن ثابت ، وجماعة من الصحابة ، أنها إن اختارت زوجها فهي طلقة رجعية ، وهو قول الحسن، ورواية عن أحمد رواها عنه إسحاق بن منصور، قال : إن اختارت زوجها ، فواحدة يملك الرجعة ، وإن اختارت نفسها، فثلاث ، قال أبو بكر: انفرد بهذا إسحاق بن منصور ، والعمل على ما رواه الجماعة." انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد "(5 / 262) باختصار.
أما إن اختارت المرأة نفسها
فهذا مما اختُلف فيه أيضا ، فبعض أهل العلم يوقعه عليها طلقة رجعية ، جاء في "
مسائل الإمام أحمد " رواية ابنه أبي الفضل صالح (1 / 445) : " وسألته عن الرجل يقول
لامرأته اختاري ؟ قال : فإن اختارت نفسها فواحدة ، وإن اختارت زوجها فلا شيء "
انتهى. وفيه أيضا : " قلت : الرجل يخير امرأته في مرضه فتختار نفسها ، قال: أذهب
إلى الخيار أنها واحدة يملك الرجعة " انتهى (3 / 178).
وصح عن بعض الصحابة أنها إن اختارت نفسها فطلقة بائنة , وعن بعضهم أنها تطلق ثلاثا
, قال ابن القيم " وصح عن علي ، وزيد ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، أنها إن
اختارت نفسها فواحدة بائنة ، وصح عن بعض الصحابة أنها إن اختارت نفسها، فثلاث بكل
حال" .
يراجع: " زاد المعاد في هدي خير العباد " (5 / 268) .
وذهب فقهاء الظاهرية وبعض
الصحابة – رضوان الله عليهم - إلى أن التخيير لا يقع به طلاق سواء اختارت المرأة
زوجها أو اختارت نفسها، قال ابن القيم : " وقال أهل الظاهر ، وجماعة من الصحابة :
لا يقع به طلاق ، سواء اختارت نفسها ، أو اختارت زوجها ، ولا أثر للتخيير في وقوع
الطلاق " انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد " (5 / 264).
الحال الثانية :
أن تقصد بقولك هذا مجرد تهديدها بالطلاق فقط إن اختارت الدراسة , وهذا لا يترتب
عليه شيء ؛ لأن الذي يهدد بالطلاق له الحرية في إيقاع الطلاق أو عدم إيقاعه.
الحال الثالثة :
ألا تقصد الطلاق ولا التهديد به , وإنما تقصد أن تخيرها بين إكمال دراستها وبين
مودتك وحبك لها , وهذا لا يترتب عليه شيء.
والخلاصة :
أن زوجتك ما دامت قد اختارتك ، فلا يترتب عليه شيء على الراجح من كلام أهل العلم .
وعلى كلٍّ : فإن سمحت لها بعد ذلك بإكمال دراستها ، فلا شيء في ذلك.
مع التنبيه على أنه لا يجوز
لك أن تأذن لزوجك بالدراسة في الجامعة إلا إذا خلا ذلك من المحظورات الشرعية ويراجع
للفائدة الفتوى رقم : (110267) .
والله أعلم .
تعليق