الحمد لله.
أولا :
المشروع أن يتقدم لإمامة الصلاة من كان حافظا لكتاب الله عالما بأحكام الصلاة ، أما الجاهل فلا يشرع جعله إماما راتبا .
وقد ذهب غير واحد من أهل العلم ، الإمام الشافعي وغيره ، إلى أن الأفقه الأعلم بأحكام الصلاة ، يقدم في الإمامة على من سواه ، ولو كان الآخر أقرأ منه .
بل قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَتَعَيَّنُ مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ فَلَا يُقَدَّمُ اتِّفَاقًا .
وَالسَّبَبُ فِيهِ : أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْعَصْرِ كَانُوا يَعْرِفُونَ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ اللِّسَانِ ، فَالْأَقْرَأُ مِنْهُمْ ، بَلِ الْقَارِئُ ، كَانَ أَفْقَهَ فِي الدِّينِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاء الَّذين جاؤوا بَعْدَهُمْ " انتهى من "فتح الباري" (2/171) . وينظر فتح الباري ، لابن رجب (4/118) .
ثانيا :
لا يشرع الجمع في المطر الخفيف الذي لا يُتأذى به ولا تحصل معه المشقة ، قال علماء اللجنة:
" الذين يسارعون إلى الجمع لمجرد وجود غيم أو مطر خفيف لا يحصل منه مشقة ، أو لحصول مطر سابق لم ينتج عنه وحل في الطرق ، قد أخطأوا خطأ كبيرا ، ولا تصح منهم الصلاة التي جمعوها إلى ما قبلها ؛ لأنهم جمعوا من غير عذر ، وصلوا الصلاة قبل دخول وقتها " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/ 25) .
لكن إذا اختلف اجتهاد الناس
في تقدير المطر النازل ، وهل هو كثير يبيح الترخص ، أو قليل لا يبيحه ، ورأى الإمام
أنه كثير يبيحه ، فمثل هذا الاختلاف في تقدير النازلة ، وتحقيق المناط : أمر لا
غبار عليه ، ولا إنكار فيه ، ولا يكاد يسلم منه أحد.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل صلى في مسجد بجوار سكنه صلاة المغرب ، وفي
أثناء الصلاة نزل مطر خفيف لا يعوق الناس في الذهاب إلى المسجد ، مع العلم أن
الطريق مسفلت ، وجمع الإمام المغرب مع العشاء ، فترك الصلاة معه ولم يجمع العشاء ،
فهل عليه إثم في ذلك ؟
فأجاب : " كون الإمام جمع في مطر خفيف : فلعله يرى أن هذا المطر مبيح للجمع ؛ فإذا
رأى أنه مبيح للجمع : ساغ له أن يجمع ، وأنت لك أن تجمع معه لأن جمعك معه تحصل به
فائدة الجماعة ، إلا إذا كنت تعرف أن هناك مساجد لا تجمع ، فهنا نقول الأفضل ألا
تجمع معه ما دمت تعتقد أن هذا العذر لا يبيح الجمع ، لكون المطر خفيفا ، ًفاخرج
وصلِّ في المسجد الآخر الذي لا يجمع .
ولكن هنا نقول : لو خفت أن يقع في ذلك فتنة إذا خرجت : فصلِّ معهم ، وانوها نافلة ،
وصلِّ العشاء في وقتها في المساجد الأخرى " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2) بترقيم الشاملة .
ثالثا :
تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، وَعَنْ أَحْمَدَ
رِوَايَتَانِ : أَصَحُّهُمَا تُوَافِقُ الْجُمْهُورَ .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (10/ 155) .
رابعا :
سجود السهو سجدتان ، وليس سجدة واحدة .
وإذا سجد المصلي سجدة واحدة للسهو جاهلاً لم يلزمه شيء ، وصلاته وصلاة من خلفه
صحيحة ، وحكمه حكم من نسي سجود السهو .
ولكن ينبغي على المأمومين أن يأتوا بالسجدة الثانية ، وإن لم يسجدها إمامهم ؛ لدخول
النقص على صلاتهم .
راجع إجابة السؤال رقم : (134518)
.
خامسا :
الأصل في الصلوات المكتوبات أن تصلى في بيوت الله ، والصلاة في مصلى العمل لا تجوز
إلا من عذر ، كأن يكون المسجد بعيدا أو كان الخروج إلى المسجد يؤدي إلى تعطيل العمل
أو تلاعب بعض الموظفين وتأخرهم .
راجع لبيان ذلك إجابة السؤال رقم : (74978)
، ورقم : (10268)
.
والحاصل :
أنه لا حرج عليك في ترك الصلاة في مصلى العمل ، والصلاة في المسجد القريب ، بل هذا
هو الأفضل ، ويتأكد ذلك إذا كان الإمام على ما ذكرت من التفريط في شأن الصلاة ،
وقلة الاهتمام بفقهها ، ومعرفة أحكامها .
راجع لتمام الفائدة إجابة السؤال رقم : (142325)
، والسؤال رقم : (147193)
.
والله تعالى أعلم .
تعليق