الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل صح عن ابن عباس أنه قال " طلب الْعلم سَاعَة خير من قيام لَيْلَة " ؟

202983

تاريخ النشر : 28-10-2013

المشاهدات : 29384

السؤال


هل من الممكن أن تخبرني بدرجة صحة الحديث التالي؟ الحديث رقم مائتان وست وخمسون من صحيح الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : " طلب العلم ساعة أفضل من قيام الليل" .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
"سنن الترمذي" أو "جامع الترمذي" رحمه الله ، لا يطلق عليه "صحيح الترمذي" ؛ لأنه يشمل أقسام الحديث كلها ، فيشمل الصحيح والحسن والضعيف والواهي والموضوع ، ولأن مصنفه رحمه الله لم يشترط على نفسه صحة كل ما يورده فيه ، بل ينص على ضعف كثير مما ورد فيه من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة .
ثانيا :
"صحيح الترمذي" هو كتاب رتبه الشيخ الألباني رحمه الله ، انتخب فيه كل الأحاديث التي يرى أنها صحيحة أو حسنة من "جامع الترمذي" ونحّى ما عدا ذلك من الحديث ليكون من نصيب كتابه الآخر "ضعيف الترمذي" .
ثالثا :
هذا الحديث المذكور ، لم يروه الترمذي في جامعه ولا في غيره ، لا مرفوعا ولا موقوفا ، وإنما رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/268) من طريق نهشل بن سعيد الترمذي ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعاً ، ولفظه : ( طلب الْعلم سَاعَة خير من قيام لَيْلَة ، وَطلب الْعلم يَوْمًا خير من صيام ثَلَاثَة أشهر ) .

ونهشل بن سعيد هذا : كذاب ، قال أبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه كذاب ، وقال ابن معين : ليس بشيء وقال مرة ليس بثقة ، وقال أبو داود ليس بشيء ، وقال أبو حاتم ليس بقوي ، متروك الحديث ، ضعيف الحديث ، وقال النسائي متروك الحديث وقال في موضع آخر ليس بثقة ولا يكتب حديثه ، وقال ابن حبان يروي عن الثقات ما ليس في أحاديثهم لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب ، وقال الحاكم روى عن الضحاك المعضلات ، وقال البخاري روى عنه معاوية البصري أحاديث مناكير ، وقال أبو سعيد النقاش روى عن الضحاك الموضوعات .
"تهذيب التهذيب" (10/ 479) .
وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص 285) : " فِي إِسْنَادِهِ: كذاب " .
وأورده الألباني في "الضعيفة" (3828) وقال : " موضوع " .

ورواه الدارمي (271) من طريق حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، يَذْكُرُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ، خَيْرٌ مِنْ إِحْيَائِهَا " .
وهذا موقوف على ابن عباس رضي الله عنه ، وإسناده ضعيف ، فابن جريج ، واسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج : رواه عن مجهول لا يعرف ، وهو إلى ذلك : كان يسمع الحديث من المجروحين والمتروكين ثم يسقطهم تدليسا ، قال الإمام أحمد : إذا قال ابن جريج قال فلان وقال فلان ، وأُخبِرْت : جاء بمناكير ، وإذا قال : أخبرني وسمعت فحسبك به . وقال أيضا : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة. كان ابن جريج لا يبالى من أين يأخذها - يعنى قوله: أخبرت ، وحدثت عن فلان ...
وقال الدارقطني تجنب تدليس ابن جريج ، فإنه قبيح التدليس ؛ لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما .
"تهذيب التهذيب" (6/404- 405) ، "ميزان الاعتدال" (2/ 659) .
رابعا :
ورد في فضل طلب العلم وفضل أهله أحاديث كثير صحيحة ، تغني عن هذا الحديث وعن غيره مما لم يثبت .
- منها ما رواه الترمذي (2682) عن أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ ) .
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
- ومنها ما رواه مسلم ( 2699 ) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ) .

والأحاديث والآثار عن السلف في ذلك الباب كثيرة .

فعلى المسلم أن يحرص على طلب العلم ، وأن يأخذه عن أهله العالمين ، وأن يستثبت في كل ما ينقله ويذكره .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب