الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن نتف شعر الحاجبين محرم ، بل كبيرة من الكبائر ، قد باءت من تفعلها بلعنة الله ، ولعنة رسوله صلى الله عليه وسلم :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، رضي الله عنه ، قَالَ: " لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ " ، قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ ، وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فَأَتَتْهُ ، فَقَالَتْ : مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ : أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ ، لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : " وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ " فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ ؟
فَقَالَ: " لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ ، لَقَدْ وَجَدْتِيهِ ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر/ 7 .
" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الْآنَ ؟
قَالَ: " اذْهَبِي فَانْظُرِي " .
قَالَ : فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا .
فَقَالَ: " أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ نُجَامِعْهَا " .
رواه البخاري (4886) ، ومسلم (2125) .
وقوله : "لم نجامعها" أي : لم نصاحبها ؛ بل كنا نفارقها ، ونطلقها .
وينظر جواب السؤال رقم : (13744) ، ورقم : (21119) .
ثانياً :
إذا حلف الرجل ألا يطأ زوجته أقل من أربعة أشهر ، فهو إيلاء على الراجح ، وهو قول جماعة من التابعين .
فإن لم يقربها حتى انقضت المدة فلا شيء عليه ، وإن جامعها خلال المدة : لزمه كفارة يمين .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (129880).
وهكذا لو أطلق ولم يحدد مدة
، كما لو قال والله لا أطؤك : فهو مولٍ؛ لأن الإيلاء هو الحلف بالله تعالى أو صفة
من صفاته وقد أتى به .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (7/221): "
والإيلاء في الاصطلاح - يعرفه الحنفية - أن يحلف الزوج بالله تعالى ، أو بصفة من
صفاته التي يحلف بها ، ألا يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر ، أو أن يُعلق على
قربانها أمراً فيه مشقة على نفسه ، وذلك كأن يقول الرجل لزوجته : والله لا أقربك
أربعة أشهر ، أو ستة ، أو يقول : والله لا أقربك أبداً ، أو مدة حياتي ، أو والله
لا أقربك ولا يذكر مدة ، وهذه صورة الحلف بالله تعالى " انتهى.
وبناء على ما سبق:
فإذا حلف الزوج على أن يهجر زوجته في الفراش متى أخذت من حاجبها : فهو مولٍ إن وجد
الشرط ، ونتفت من حاجبها فعلا ؛ فتضرب له مدة أربعة أشهر من حين وقوعها في المعصية،
فإذا مضت أربعة أشهر لزمه الفيئة ، إن طالبته بها.
والفيئة: هي الوطء ، فإن وطئ : فقد فاء ، وإن أبى الفيئة : فَرق بينهما القاضي
الشرعي ، إلا أن ترضى الزوجة بذلك : فلا حرج ؛ لأن الحق لها ، وقد أسقطته ، قال
تعالى : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ
فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة/ 226، 227.
أما إذا وطئها قبل الأربعة
أشهر من وقوعها في المعصية ، فتلزمه كفارة يمين ، لعدم إبراره بقسمه .
وينظر بيان كفارة اليمين في جواب سؤال رقم : (45676).
جاء في " الموسوعة الفقهية "
(7/226): " والإيلاء المعلق هو: ما رتب فيه الامتناع عن قربان الزوجة على حصول أمر
في المستقبل ، بأداة من أدوات الشرط , مثل: ( إن ) ( وإذا ) ( ولو ) ( ومتى )
ونحوها .
وذلك كأن يقول الرجل لزوجته : إن أهملت شئون البيت , أو يقول لها : لو كلمت فلانا ،
فوالله لا أقربك .
وفي هذه الحال : لا يعتبر ما صدر عن الرجل إيلاء ، قبل وجود الشرط المعلق عليه ;
لأن التعليق يجعل وجود التصرف المعلق مرتبطا بوجود الشرط المعلق عليه .
ففي المثال المتقدم : لا يكون الزوج موليا قبل أن تهمل المرأة في شئون البيت, أو
تكلم ذلك الشخص .
فإذا أهملت شئون البيت ، أو كلمته : صار مولياً, واحتسبت مدة الإيلاء من وقت
الإهمال ، أو التكليم فقط , لا من وقت قول الزوج " انتهى.
والله أعلم .
تعليق