الحمد لله.
لا حرج في الانتفاع بالملابس التي أهداها المرتد تقربا لغير الله تعالى ؛ فإن إسلام المرتد : يهدم ما قبله من الشرك والردة ، ولا يبقى له أثر ؛ ثم تكون الأشياء على حكمها في شرع الله .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" لا يحكم بزوال ملك المرتد بمجرد ردته في قول أكثر أهل العلم . قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . فعلى هذا ، إن قتل أو مات زال ملكه بموته ، وإن راجع الإسلام فملكه باق له .
وقال أصحاب أبي حنيفة : ماله موقوف ؛ إن أسلم تبينا بقاء ملكه ، وإن مات أو قتل على ردته تبينا زواله من حين ردته .
ولنا أنه سبب يبيح دمه ، فلم يزل ملكه ، كزنى المحصن ، والقتل لمن يكافئه عمدا ، وزوال العصمة لا يلزم منه زوال الملك ، بدليل الزاني المحصن ، والقاتل في المحاربة ، وأهل الحرب ، فإن ملكهم ثابت مع عصمتهم ، ولو لحق المرتد بدار الحرب لم يزل ملكه ، لكن يباح قتله - لكل أحد من غير استتابة -، وأخذ ماله لمن قدر عليه ، لأنه صار حربيا ، حكمه حكم أهل الحرب ، وكذلك لو ارتد جماعة وامتنعوا في دارهم عن طاعة إمام المسلمين ، زالت عصمتهم في أنفسهم وأموالهم ؛ لأن الكفار الأصليين لا عصمة لهم في دارهم ، فالمرتد أولى " انتهى من " المغني " (9/9) . وينظر : "بدائع الصنائع " (7/136).
وليست الملابس ونحوها : مما يتوقف حله والانتفاع به : على حال مالكه ، أو دينه ؛ كما هو شأن الذبائح مثلا ، لا تحل ذبيحة مشرك ، ولا مرتد ؛ بل ملابس المرتد ، كملابس غيره من المشركين ؛ فإن عاد إلى الإسلام ، وعنده شيء من الملابس التي كان قد اشتراها في ردته ، أو أهداها ، أو أهديت إليه : فذلك كله على الإباحة .
ومثل ذلك : لو كان قد تقرب
بها لغير الله ، فتاب عن ذلك ، وعاد إلى الإسلام : بطل عمله هذا ، ولم يصح تقربه
بها لغير الله ، ثم لا يلزمه في ملابسه شيء أكثر من إبطال التصرف المردود ، ولا
يزول ملكه عن ملابسه بشيء من ذلك ، ولا يحرم عليه الانتفاع بشيء منها ، لأجل ما وقع
منه من اعتقاد ، أو قول ، أو عمل باطل ، وهو في ردته .
قال الله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ
مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ
الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )
الأعراف/31-32.
وللتوسع ينظر الجواب رقم : (187051).
والله أعلم .
تعليق