الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

نوى تجديد وضوئه ، ثم تذكر أنه كان محدثا ، فهل يصح وضوؤه ؟

208968

تاريخ النشر : 01-01-2014

المشاهدات : 21371

السؤال


إذا كنت محافظاً على وضوئي الذي صليت به المغرب ، فإذا دخل وقت العشاء وتوضأت بنية تجديد الوضوء وصليت ، ثم بعد الصلاة تبيَّنَ لي أني قد أحدثت في الفترة التي بين المغرب ووضوئي الذي بنية التجديد . فهل أتوضأ مرة أخرى وأعيد صلاة العشاء ؟ ، أم إن وضوئي بنية التجديد يكفي ؟

الجواب

الحمد لله.


اختلف أهل العلم فيمن توضأ ينوي تجديد الطهارة ناسيا حدثه ، ثم تذكر أنه كان محدثا : هل تصح طهارته ؟ على قولين :
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَإِنْ نَوَى تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا، فَهَلْ تَصِحُّ طَهَارَتُهُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا نَوَاهُ ، وَلِلْخَبَرِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، وَالثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَا مَا تَضَمَّنَهُ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ " انتهى من "المغني" (1/ 83) .
وقال النووي رحمه الله :
" لَوْ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا : فَهَلْ يُجْزِيهِ ذَلِكَ الْوُضُوءُ ؟
فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ : أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِيهِ ، لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ مُتَرَدِّدًا فِي النِّيَّةِ ، إذ ليس هو جازما بِالْحَدَثِ ، وَالتَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يُجْزِيهِ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا ، صَادَفَتْ الْحَدَثَ فَرَفَعَتْهُ ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ " انتهى من "المجموع" (1/ 331) .
وقال خليل المالكي في "مختصره" (ص19) وهو يذكر أمثلة الوضوء الذي لا يرفع الحدث ، ولا يجزئ عن الفرض : " أو جدد ، فتبين حدثه " انتهى .
قال الشيخ عليش في "شرحه" (1/ 86):
" (أَوْ) اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ وَ (جَدَّدَ) وُضُوءَهُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ أَوْ الْفَرْضِيَّةِ (فَتَبَيَّنَ) لَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ (حَدَثُهُ) قَبْلَ التَّجْدِيدِ ، فَلَا يَجْزِيهِ هَذَا الْوُضُوءُ ، لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَلِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ الْفَرْضِ " انتهى .

وأظهر القولين : صحة طهارته ، وصلاته ؛ لأنها طهارة مشروعة ، صادفت حدثا ، فرفعته ، وهو مذهب الحنابلة .
قال الشيخ منصور البهوتي ، رحمه الله :
" (فإن نوى ما تسن له الطهارة كقراءة) قرآن وذكر وأذان ونوم وغضب ارتفع حدثه (أو) نوى (تجديدا مسنونا) بأن صلى بالوضوء الذي قبله (ناسيا حدثه ارتفع) حدثه؛ لأنه نوى طهارة شرعية ، ( وإن نوى) من عليه جنابة (غسلا مسنونا) كغسل الجمعة، قال في " الوجيز ": ناسيا ( أجزأ عن واجب ) كما مر فيمن نوى التجديد ، ( وكذا عكسه) أي إن نوى واجبا أجزأ عن المسنون، وإن نواهما حصلا، والأفضل أن يغتسل للواجب ثم للمسنون كاملا ".
انتهى من "الروض المربع ، مع حاشية ابن قاسم" (1/195) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" رجل صلَّى الظُّهر بوُضُوء ، ثم نقضه بعد الصَّلاة ، ثم جدَّد الوُضُوء للعصر ناسياً أنه أحدث ؛ فهذا يرتفع حدثُه ؛ لأنه نوى تجديداً مسنوناً ، ناسياً حدثَه.
فإِذا كان ذاكراً لحدثه ، فلا يرتفع ؛ لأنَّه حينئذٍ يكون متلاعباً، فكيف ينوي التجديدَ وهو ليس على وُضُوء ؛ لأن التَّجديد لا يكون إلا والإِنسان على طهارة " .
انتهى من "الشرح الممتع" (1/ 199-200) .

وقال الشيخ خالد المشيقح :
" إذا صلى بالوضوء الأول صلاة ثم بعد ذلك أحدث ، ثم جاءت الصلاة الثانية ، فقال : أجدد الوضوء ، فتوضأ مجدداً للوضوء ، ثم بعد ذلك تذكر أنه محدث ، نقول : ارتفع حدثك الآن ، لأن هذا التجديد مشروع " .
انتهى من "شرح كتاب الطهارة من كتاب عمدة الطالب" (ص 91) - بترقيم الشاملة.

ولو احتاط لعبادته في مثل ذلك ، وأعاد وضوءه ، وصلاته بعد ذلك ، خروجا من الخلاف المعتبر لأهل العلم : فهو حسن ، إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب