الحمد لله.
صفة القراءة في قضاء الفوائت على أحوال :
الحال الأولى : أن يقضي فائتة الليل في وقت الليل ، كأن يصلي المغرب في وقت العشاء ، ففي هذه الحال : يجهر بالقراءة .
الحال الثانية : أن يقضي
فائتة النهار في وقت النهار ، كأن يصلي الظهر في وقت العصر ، ففي هذه الحال : تكون
قراءته في الصلاة سراً .
الحال الثالثة : أن يقضي
فائتة النهار في الليل ، أو أن يقضي فائتة الليل في النهار ، فهذا محل خلاف بين أهل
العلم :
فمن أهل العلم من يرى أن العبرة بوقت القضاء ، فإذا صلى صلاة جهرية في النهار ،
فإنه يسر بالقراءة ، وإذا صلى صلاة سرية في الليل ، فإنه يجهر بالقراءة .
والقول الثاني : أن العبرة
بوقت الفوات ، فإذا كانت الصلاة تصلى في وقتها جهراً ، فإنه يصليها عند القضاء
جهراً ، وإذا كانت تُصلى في وقتها سراً ، فإنه يصليها عند القضاء سراً .
قال النووي رحمه الله : "
وأما الفائتة فإن قضى فائتة الليل بالليل ، جهر بلا خلاف , وإن قضى فائتة النهار
بالنهار ، أسر بلا خلاف , وإن قضى فائتة النهار ليلا أو الليل نهارا ، فوجهان : (
أصحهما ) : أن الاعتبار بوقت القضاء في الإسرار والجهر , ( والثاني ) : الاعتبار
بوقت الفوات " انتهى من " المجموع " (3/357) .
والراجح – والله أعلم –
القول الثاني ، فمن فاتته صلاة سرية ، كالظهر مثلاً ، فإنه يقرأ في قضائها سراً ،
ولو كان القضاء ليلاً ، ومن فاتته صلاة جهرية كالمغرب مثلاً ، فإنه يقرأ في قضائها
جهراً ، ولو كان القضاء نهاراً ؛ وذلك لأن القضاء يحكي الأداء .
ويدل على ذلك ما رواه مسلم (681) في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن
صلاة الفجر في السفر حتى طلعت الشمس ، قال أبو قتادة رضي الله عنه : " ثم أذن بلال
بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة ، فصنع كما
كان يصنع كل يوم " .
قال النووي رحمه الله : "
وقوله : ( كما كان يصنع كل يوم ) فيه : إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها
.. , وقد يحتج به من يقول : يجهر في الصبح التي يقضيها بعد طلوع الشمس ، وهذا أحد
الوجهين لأصحابنا , وأصحهما : أنه يسر بها , ويحمل قوله : كما كان يصنع , أي في
الأفعال " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .
وقد سئل الشيخ ابن باز : من
فاتته صلاة الفجر ، فصلاها بعد طلوع الشمس ، هل يسر بصلاته أم يجهر بها ؟
فأجاب رحمه الله : " يجهر ،
إذا صلاها بعد طلوع الشمس يجهر بها ؛ النبي صلى الله عليه وسلم ، لما نام هو أصحابه
عن صلاة الفجر في بعض الليالي في بعض الأسفار صلاها بعد ارتفاع الشمس ، وجهر
بالقراءة عليه الصلاة والسلام ، فالسنة الجهر بالقراءة ، القضاء يحكي الأداء "
انتهى من " فتاوى نور على الدرب لابن باز " .
http://www.binbaz.org.sa/mat/15102
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " وقوله : ( قضاء الفوائت ) يستفاد منه أنه يقضي الصلاة الفائتة على صفتها ؛
لأن القضاء يحكي الأداء ، هذه القاعدة المعروفة ، فعلى هذا إذا قضى صلاة ليل في
النهار ، جهر فيها بالقراءة ، وإذا قضى صلاة نهار في ليل أسر فيها بالقراءة
والدليل على ذلك ما يلي : قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من نام عن صلاة أو
نسيها فليصلها إذا ذكرها ) ، فكما أن الأمر عائد إلى ذات الصلاة ، فهو عائد إلى صفة
الصلاة أيضاً ، ومن صفاتها الجهر بالقراءة إذا كانت الصلاة ليلية ، والإسرار
بالقراءة إذا كانت الصلاة نهارية ..... " انتهى من " الشرح الممتع " (2/140) .
وعلى كل حال : فالأمر في ذلك
على الأفضلية والترجيح ، فعلي أي صفة منهما صلاها : فصلاته صحيحة ، من غير كراهة ،
إن شاء الله .
والله أعلم .
تعليق