الحمد لله.
أولاً :
طواف الوداع إنما يجب في حق من أراد الخروج من مكه بعد أداء النسك ، سواء كان ذلك الخارج من مكة ، من أهل مكه أو من غيرهم ؛ لعموم قول ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان الناس ينصرفون في كل وجه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ ) رواه مسلم (1327) .
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : من فرغ من مناسكه ، وأراد المقام بمكة ، ليس عليه طواف الوداع , وهذا لا خلاف فيه , سواء كان من أهلها أو غريبا , وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره ، طاف للوداع " انتهى من " المجموع " (8/234) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان الرجل من أهل مكة ، وحج وسافر بعد الحج ، فليطف للوداع ؛ لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : كان الناس ينصرفون من كل وجه يعني بعد الحج ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) وهذا عام ، فنقول لهذا المكي : ما دمت سافرت في أيام الحج ، وقد حججت فلا تسافر حتى تطوف " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (23/339) .
وقد سئل الشيخ سليمان الماجد حفظه الله : شخص من سكان الحرم ، هل يجب عليه الهدي وطواف الوداع إذا حج عن شخص آخر آفاقي ؟
فأجاب :
" الحمد لله أما بعد .. إذا وكل الآفاقي مكيا يعلم أنه مكي فإن الوكيل يأتي بالمناسك على أنه مكي؛ لأن هذا هو الأصل في حقه ؛ وذلك ما لم يشترط عليه الموكل أن يحرم من الميقات ، وأن يأتي بدم التمتع ؛ فيجب عليه ذلك بمقتضى العقد والشرط .
وأما طواف الوداع فإنه لا يلزمه ؛ لأنه متعلقٌ تعبدا بالنفر من المكان ، ولم يحصل؛ إلا أن يشترطه الموكل ؛ كالذي ذكرناه في الإحرام من الميقات ، ودم المتعة .
وما ذهب إليه بعض الفقهاء من وجوب انطلاق الوكيل من بلد الموكل ومروره بميقاته فلا أعلم دليلا عليه.
وما تقرر هنا قول لجمع من أهل العلم، قال الهيتمي في "تحفة المحتاج" : (4/41) في تعليل هذا الوجه: (..لأن مكة ميقات شرعي).أهـ . والله أعلم." انتهى من فتوى منشورة بموقعه :
http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=16390
وعليه ، فليس على المكي طواف وداع إذا حج عن غير المكي ؛ لأن طواف الوداع مرتبط بالنفر من البيت الحرام .
وأما بالنسبة للفدية ، فإذا كان المقصود بها هدي التمتع والقران ، فأهل مكه ليس عليهم هدي إذا حجوا متمتعين أو قارنين ؛ لقوله تعالى : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) البقرة / 196 .
قال ابن قدامه رحمه الله : " لا خلاف بين أهل العلم , في أن دم المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام , إذ قد نص الله تعالى في كتابه ، بقوله سبحانه : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، ولأن حاضر المسجد الحرام ميقاته مكة , فلم يحصل له الترفه بأحد السفرين " انتهى من " المغني " (3/246) .
والآية شاملة لمن حج عن نفسه أو حج عن غيره ، مادام أنه من حاضري المسجد الحرام .
ثانياً :
لا فرق بين المكي وغيره في أعمال الحج من جهة الأصل ، إلا أن المكي ليس عليه طواف قدوم ، كما أنه ليس عليه هدي إذا حج متمتعاً أو قارناً ، كما أن المكي ليس عليه طواف وداع إذا بقي في مكة بعد قضاء نسكه ، وأما باقي أعمال الحج ، فأهل مكة مثل غيرهم .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (160092) ، وجواب السؤال رقم : (41894) فينظر فيهما للفائدة .
والله أعلم .
تعليق