الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم قول بعض العامة في ذم النساء: لا تلوموا أبا جهل لما دفنهم

211708

تاريخ النشر : 22-04-2015

المشاهدات : 62173

السؤال


انتشرت هذه الأيام عبارة " لو كان أبو جهل موجود كان دفنهم " أو " بعذر أبو جهل كان يدفنهم " أو " لا تلومون أبا جهل لما دفنهم " ! إذا تكلموا عن البنات وحركاتهم وسوالفهم ، فهل هذه العبارة صحيحة ؟

الجواب

الحمد لله.


هذه العبارات من أقبح ما يصدر عن المسلم ، وأقبح ما يتمنى المرء في قلبه وعلى لسانه ؛ ذلك أن وأد البنات من كبائر الذنوب ، وهو من خصال الجاهلية الذميمة ، التي تأباها الفطرة السليمة ، وتظاهرت أدلة الشرع على إبطالها والتنفير منها .
والمسلم إذا تمنى في قلبه ، أو نطق بلسانه : تأييداً ، أو موافقةً على إحدى الجرائم ، كان له نصيب من الإثم أيضا ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا . فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ، إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) رواه الترمذي (2616) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل" (413) .

وكيف يطيب لمسلم أن يثني على ما قام به أهل الجاهلية من قتل الأنفس البريئة ، أو يلتمس لهم العذر فيما فعلوا ؟!
ثم لا يكتفي حتى يصرح باسم فرعون هذه الأمة وطاغوتها ، عدو الله أبي جهل ، فيلين من حاله ، أو يحسنه !!
ألهذه الدرجة هان الدين في نفوس الناس ؟!

فقائل هذه الكلمة إن سلم من الكفر ، لم يسلم من كبيرة من أكبر الكبائر ، فإنه يقف في صف أبي جهل مدافعا عنه ، ويعارض القرآن الكريم ، وكفى بهذا قبحا!
وقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عدة مرات عن قتل الأولاد وقتل النفس إلا بالحق ، فكأن قائل هذه العبارة يصوب فعل أبي جهل ، ويخطئ القرآن الكريم؟!
قال الله تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ . بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) التكوير/8-9.
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
" هو الذي كانت الجاهلية الجهلاء تفعله من دفن البنات وهن أحياء ، من غير سبب ، إلا خشية الفقر ، فتسأل : ( بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )، ومن المعلوم أنها ليس لها ذنب ، ففي هذا توبيخ وتقريع لقاتليها " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/912) .

وهب أنها فعلت ما فعلت .
وهب أنها تفاحشت .
وهب أنها زنت ... ، والعياذ بالله .
فما بهذا جاء دين الله ، وليس هذا هو ما تستحقه في شرع الله !!
فهي كلمة باطلة ، على كل وجه ، وبكل حال ..

والواجب على المسلم دائما تقوى الله تعالى في كلامه وسكوته ، فيكون نصيرا للحق ، محاربا للظلم ، متورعا أن ينال إثما ، بزلة لسان يوافق فيها الظلمة ، ويؤيد بها الإجرام .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988) .
وهذا يدعونا إلى التأمل مرة أخرى في سلوكنا ، وتقويم زلات ألسنتنا ، كي تستقيم حياتنا بإذن الله وفق شرع الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب