الحمد لله.
التحقق من الأهلية الخلقية والدينية في الخاطب هو أحد ركني الزواج الناجح ، والركن الثاني هو التوافق العاطفي والميل القلبي ، والركن الأول هو الركن الأهم ؛ لأن الخلق والدين أساس كل علاقة ناجحة ، وركن كل بيت سعيد ، وإن خلا من تمام المحبة والعاطفة .
فلذلك ينبغي الاهتمام بهذا الركن إلى الغاية الممكنة ، والاستعانة بالله عز وجل في اختيار صاحب الدين والخلق , وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم : (105728) بعض الوسائل التي يستعان بها على تحقيق هذا الأمر.
أما بخصوص المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبيين على برامج المحادثة : فهذا الأصل فيه المنع ، لأنه باب شر وفتنة , وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في العشق ، وقادت بعضهم إلى فعل الفواحش والموبقات ، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق والعشق المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول , ومصافحة الأجنبية والنظر إليها ، والخلوة بها ، وهذه المحادثات الخاصة سبب من أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
"لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ، ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة ، وخطر كبير ، يجب الابتعاد عنها ، وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " .
انتهى ، نقلا عن : " فتاوى المرأة " ، جمع محمد المسند ، ص 96 .
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا ، وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد .
فاتقي الله تعالى أيتها السائلة ، وامتنعي عن محادثة هذا الرجل ، فذلك أسلم لدينك ، وأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منَّة ونعمة من الله تعالى ، والنعمة لا تنال بالمعصية .
فإن أراد هذا الرجل الزواج منك فليأت البيوت من أبوابها , وليتواصل مع وليك لخطبتك , ويبقى بعد ذلك أمر التحقق من دينه وخلقه ، ممكنا بالوسائل المشروعة التي بيناها في الفتوى المحال عليها سابقا .
ثم إن هذا الأمر في حقيقته هو مسؤولية الولي ، وواحد من أهم أدواره في تولي عقد النكاح ، أن ينظر في حال الخاطب ، ويتدبر أمره ، ويرى ملاءمته ، وأهليته ، وقدرته على الوفاء بالتزامات الزوجية ، ولا تتمكن المرأة من الحكم على تلك الأمور حكما موضوعيا ، صحيحا .
على أن بإمكانك أن تخبريه بما يجب عليه توفيره ، قبل أن يتقدم إليك ، فإذا ما تيسرت أموره المادية ، وأصبح في حال ملاءمة ، فعليه أن يأتي البيت من بابه ، ويتقدم لوالدك ، ويتعرف على أسرتك .
والله أعلم.
تعليق