الحمد لله.
أولا :
لا يخفى أن الحياة الزوجية لا تخلو من مشاكل ومناقشات ، ومد وجزر خلال مراحلها المتعددة ، والزوج العاقل من يستطيع احتواء المشاكل والبحث عن حلول جذرية لما يمكن أن يعكر صفو حياته ، ولعل أغلب مشاكل الأزواج من عدم فهم كل واحد نفسية شريكه ، وطبيعته ، وردود أفعاله ، فيحكم عليه من خلال شخصيته هو ، ويتعامل معه من خلال زاوية رؤيته هو للأشياء .
قد تكون فعلا الزوجة ـ حقا ـ من النوع المتكبر ، بسبب تربيتها ، أو وضعية خاصة لأسرتها ، أو بسبب طبيعتها ، وقد يكون الخلل فيك أنت ، حين لم تحسن فهم شخصيتها ، أو تقديرها ؛ فقد تكون لها قدرات وشخصية قوية مقارنة مع شخصيتك وتتعامل هي من هذا المنطلق ، فتفسرها أنت على أنها تكبر ، قد تكون أنت من النوع الذي لا يقبل تفوق المرأة أو ذكاءها .
وكيفما كان الأمر ، فينبغي أن تسأل نفسك أولا ، وبجد ، وصدق : هل كنت حريصا فعلاً على إصلاحها بالطرق الناجعة الكفيلة بجعلها تراجع نفسها ، أم كنت عونا للشيطان عليها ؟ هل اتبعت فعلا معنى الموعظة التي هي تذكير بتقوى الله وطاعته وبحقك عليها ، كما قال الله تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) النساء/34 .
قال القرطبي رحمه الله : " ( فَعِظُوهُنَّ) أَيْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، أَيْ ذَكِّرُوهُنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَجَمِيلِ الْعِشْرَةِ لِلزَّوْجِ ، وَالِاعْتِرَافِ بِالدَّرَجَةِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهَا ، وَيَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ أمرت أحداً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ) ، وَقَالَ : ( لَا تَمْنَعْهُ نَفْسَهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ) ، وَقَالَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَاتَتْ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) ، فِي رِوَايَةٍ ( حَتَّى تُرَاجِعَ وَتَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ) ، وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا" . انتهى من " تفسير القرطبي" (5/171) .
ثانيا :
الذي نراه لك :
أن تستفرغ الجهد في نصحها ، مع تنويع أساليب النصح والإرشاد والحرص على رأب الصدع بينكما .
ولا مانع من أن تستعين ببعض العقلاء الناصحين من أهلها ، إذا تطلب الأمر ذلك ، أو ببعض الثقات من نسائك ، أو نسائها .
وإذا أمكن أن تستصلح قلبها بشيء من الإحسان : هدية ، كلمة طيبة ، رحلة إلى مكان مناسب ... ، فافعل .
وإن لم يجد شيء من ذلك كله ، ووجدت أن الضرب سوف يؤدبها ، وينفع في إصلاحها : فافعل ، على ألا يكون ضربا مبرحا .
ولا تجعل جو المشكلات : يصدك عن حقك في زوجتك ، وحقها منك ، فإن التباعد عن ذلك الأمر من شأنه أن يزيد النفور بينكما ، وتستحكم المشكلات ، بدافع خفي من الرغبة التي لم تجد لها سبيلا صحيحا !!
فإن لم يفلح شيء من ذلك كله ، وكنت قادرًا على الزواج بأخرى : فافعل ، واجعل ذلك قضاء وطرك ؛ فإن صلح أمر الأولى : فاجعل بينهما ، واجتهد على أن تعدل بينهما ، وتتقي الله فيهما ، كما أمرك الله .
نسأل الله أن يصلح لك شأنك ، ويصلح لك زوجك ، ويجمع بينكما في خير .
والله أعلم .
تعليق