الحمد لله.
لم يزل الروافض يأتون كل يوم بكل عجيب ، إلى أن أفاضت عقولُهم النيرةُ بدعةً جديدةً ، ألا وهي : وضع المصحف على الرؤوس عند الدعاء في ليلة القدر ، ويسمونه " دعاء رفع القرآن" يحلفون بالله ثم بالأئمة ، ويطلبون حوائجهم !!
ولعل مستند الشيعة في هذا الفعل : ما ذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (3/144) عن شعبة قال : أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، سمع أبا صالح يقول : " شهدت عليا وضع المصحف على رأسه ، حتى سمعت تقعقع الورق فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ، اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير أخلاقي ، فأبدلهم بي شرًّا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم ومِثْ [عين : أذب] قلوبهم ميثة الملح في الماء " انتهى .
وقبل الجواب عن هذا الأثر ننوِّه أولا على أمور:
أولا :
مازال النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، وهيئته في الدعاء معروفة معلومة ، ولم يرد لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع المصحف أو أوراق المصحف على رأسه ليدعو به .
وكذا لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم هذا الفعل ، ومن الصحابة الحسن والحسين وعلي وفاطمة وغيرهم من أهل البيت رضي الله عنهم ، لم ينقل هذا عنهم ، مع كثرة وتكرر الدعاء منهم مرات لا يحصيها إلا الله .
ثانيا :
الدعاء عبادة من أجلِّ وأعظم العبادات ، والأصل في العبادات التوقيف ، وعدم التعدي والتجاوز فيها أو إحداث أمر فيها ، والدعاء بالصورة المذكورة ليس ثابتا ، لا كتابا ولا سنة.
وقد ألف العلماء في آداب الدعاء كتبا عديدة ولم يذكروا منها هذا الأدب ، لأنه لا أصل له .
وأما الجواب عن فعل علي رضي الله عنه :
فعلى تقدير ثبوته ، فليس فيه دليل على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، إنما هي حالة ضيق وصلت بعلي رضي الله عنه إلى الشكوى إلى الله بتلك الحالة ، فرفع المصحف عاليا مخاطبا إياهم ومبينا قبح أفعالهم فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه " وفي الرواية الأخرى :" اللَّهمّ إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه " ، فكان حديثه عن القرآن ومخالفة شيعته من أهل الكوفة له ، فرأى أن حمل المصحف سيكون أبلغ في التأثير في السامع ، فهو كما يرفع الرجل المصحف بيده ويقول لخصمه : هذا يحكم بيني وبينك .
فلا يؤخذ من تلك الحادثة دليلٌ على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، وفي كل دعاء ، إذ لو كان الأمر كذلك ، فلماذا تركه علي رضي الله عنه ولَمْ يداوم عليه ، ولماذا لم يفعله ثانية ؟
ويزيد الأمر بدعةً وإحداثا أن يُخصص للدعاء بهذه الصورة ليلةٌ معينةٌ في السنة ، فهل فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه ؟
وعليه ؛ فحمل المصحف على الرأس عند الدعاء بدعة ، وآداب الدعاء معروفة في الكتاب والسنة ، فعلى المسلم أن يتقيد بها ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
تعليق