الحمد لله.
هذا الحديث رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1028) فقال:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَكْرِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: نَا أَبُو رَوْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ مِرَارًا، وَمِنْ عُمَرَ مِرَارًا؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي، وَأَنْتَ تَهْدِينِي، وَأَنْتَ تُطْعِمُنِي، وَأَنْتَ تَسْقِينِي، وَأَنْتَ تُمِيتُنِي، وَأَنْتَ تُحْيِينِي، لَمْ يَسْأَلْ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، قَالَ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَقُلْتُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعَتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِرَارًا، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ مِرَارًا، وَمِنْ عُمَرَ مِرَارًا ؟، قَالَ: بَلَى، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتُ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَاهُنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَ مِرَارٍ، فَلَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
أحمد شيخ الطبراني الظاهر أنه أحمد بن داود المكي، كما صرح به قبل ذلك بأحاديث، وهو ما ذكره علاء الدين مغلطاي في "شرح ابن ماجة" (2/24)، ولم يتبين من ترجمته أنه ممن يحتج به، بل قال الهيثمي في "المجمع" (8/100): "لم أعرفه ".
وشيوخ الطبراني فيهم كثرة، وكثير منهم مجهولون، وفيهم الكذابون والوضاعون، قال الذهبي رحمه الله في ترجمته:
" حدث عن ألف شيخ أو يزيدون. وصنف المعجم الكبير، وهو المسند، سوى مسند أبي هريرة فكأنه أفرده في مصنف، والمعجم الأوسط في ست مجلدات كبار على معجم شيوخه، يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب، فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني، بيَّن فيه فضيلته وسعة روايته، وكان يقول: هذا الكتاب روحي، فإنه تعب عليه، وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر ". انتهى من "تذكرة الحفاظ" (3/ 85).
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
" ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، وأفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير ".انتهى من "شرح علل الترمذي" (2/ 624)
فكل حديث ينفرد به الطبراني عن شيوخه لابد من التثبت في شأنه جدا، وتحري أن مثل ذلك المتن: محفوظ .
والحسن البصري على جلالة قدره مدلس، وصفه بذلك النسائي وغيره، وكان يرسل كثيرا عن كل أحد، انظر: "طبقات المدلسين" (ص29)
وقال البيهقي في "سننه" (8/35(:
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَغِبُوا عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ." انتهى .
وقال الدارقطني في "سننه" (1/136): " الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثا واحدا، وهو حديث العقيقة، فيما زعم قريش بن أنس، عن حبيب بن الشهيد ".
والكلام في حديث الحسن عن سمرة واختلافهم في سماعه منه معروف، وهو مما يدل على غلط هذه الرواية، أو بطلانها؛ ولأجل ذلك: لم يعول أحد من أهل العلم ـ فيما علمنا ـ على هذا الحديث في إثبات سماع الحسن من سمرة، إلا الحافظ مغلطاي .
ولذلك فالأظهر أن قوله فيه: " عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا ... " غلط من بعض الرواة .
والحديث حسنه المنذري في " الترغيب والترهيب " (1 /261)، والهيثمي في "المجمع" (10/160)، والسفاريني في "غذاء الألباب" (2 /292)، وإنما حسّنوه لترجيحهم سماع الحسن من سمرة في الجملة، وقد صرح هنا بالسماع من سمرة، فانتفت شبهة التدليس .
وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (5349)، ولعله الراجح .
ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 217496، 22765، 126587، 240793.
والله أعلم .
تعليق