الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يظن أن أحدهم أفسد عليه محبوبته لذلك بقي تعلقه بها بعد زواجها

214305

تاريخ النشر : 06-06-2014

المشاهدات : 9550

السؤال


أحببت فتاة منذ كانت صغيرة ، ولم يحدث أي شيء حرام والله أعلم ، ولا حتى كلام غير رسمي بيننا ، ولكن كنا نفهم سوية أني سأطلبها عندما أكون جاهزا ، شخص عدو لي سرق بياناتي على الكمبيوتر والإيميل وغيره ، وأصبح يزعجها باسمي ، ولا أعلم كم تمادى ، وحيث إنه لم يكن هناك اتصال بيننا ، وذلك لأني راعيت عدم الاختلاط ، وعدم المراسلة وغيره حتى أطلبها ، لم أكن أعلم ما يجري من خلف ظهري ، فكرهتني ، وتزوجت غيري ، وأنا بريء مما نسب لي . عندما ينتحل أحد شخصية آخر يستطيع فعل أي شيء من كلام قليل الأدب ، إلى صور فاحشة ، وغيره مما لا أعرفه حقيقة ، لكن المهم أنها ذهبت وأنا لا أستطيع أن أنسى ، فكيف أنسى كل هذا الظلم ، وأنه بسبب هذا العدو فقدت من أحببت ، هذا ليس شعور مَن تركه مَن يُحب ، لكنه شعور مَن كان متأكدا أن المرأة تريده ، وجاء آخر فخربها . أنا لم أتصل بها بعد زواجها حتى لا أسبب لها مشاكل ، وأريد أن أستبقك الكلام أنني لم أفعل أي شيء من الاتصال أو الكلام أو الخلوة أو الاختلاط أو أي شيء ، وهذا ما سهل لعدوي الإيقاع بي لأننا لو كنا نتكلم لقلت لها : لست أنا ، ولم أرسل شيئا على الإيميل . كيف أنسى الآن ؟ أنا متأكد أنها تحبني ، وأنها خُدعت ، ولأنها إنسانة محترمة ، كرهتني بعد أن شوهت صورتي وأنا مظلوم ، بالعكس استقامتي معها سهلت له اللعب من وراء ظهري ، وأنا غافل ، والألم لا يطاق ؛ لأنه ألم الظلم وفراق المحبوب معا ، وهذا حب عذري وشريف ، لم أتكلم كلمة ، بل انتظرت حتى أخطبها عندما أكون جاهزا ، وأنا طالب في بلد آخر .

الجواب

الحمد لله.


كل من يقرأ سؤالك لا بد أن يثني على استقامتك في شأن تلك الفتاة ، وعدم تعرضك لها بالمحادثة أو المخاطبة أو التواصل خارج إطار الزوجية ، وهذا ثبات منك وصبر تحمد عليه ، ونرجو لك فيه الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى .
غير أننا في الوقت نفسه نعاتبك على ما صنع بك ذلك " الحب "!! غير المبرر إلى تلك الدرجة، إذ لا يتصور حب يبلغ هذا القدر من غير تواصل أو محادثة ، ولو وقع فالعاقل هو الذي لا يسمح للأماني والأحلام أن تأخذه بعيدا ، قبل أن يتحقق شيء منها ، ويراها واقعا على الأرض ، خاصة في تلك الفتاة التي لم تتواصل معها ، ولكنك في الوقت نفسه بنيت قصورا وآمالا عراضا ، استرسلت فيها مع نفسك ، وبدأت تتعلق بها وتعيش معها يوما بيوم ، إلى أن بسطت سطوتها على قلبك ، وهذا ما يقع مع كثير من الناس ، حتى لو كان المتعلَّق به جمادا وليس إنسانا ، فإذا أطال التفكير به ، واسترسل في تصوراته وتخيلاته عنه ، فإنه سيشكل في قلبه عقدة يعاني في زوالها والتخلص منها ؛ ذلك أن القلب البشري يملك قدرة كبيرة على التمني والتخيل ، كما يملك سطحا أملس تنعكس عليه جميع الصور التي تعرض له ، حتى يثبت منها ما يطيل التفكير به ، وحينئذ تسيطر آلام الحب التي وصفتها في سؤالك بأنها " لا تطاق " .
ولكن للأسف ، يكتشف الشاب بعد حين من الزمان ، حين تمر به الأيام والشهور وقد توقف عن ذلك التأمل والتفكير بالمحبوب ، أنه عاش مرحلة بائسة من الوهم ، ومرحلة مؤلمة من الأحلام غير الواقعية ، يظن فيها أن ذلك المحبوب هو الأول والأخير ، وأن لا سعادة ولا هناء إلا بالحصول عليه ، واستمرار التعلق به !! وكل ذلك من تلبيس الشيطان ، وفراغ القلب عن ما يدفع عنه تلك الأسقام .
ولو تأملت لعلمت أن القلب الذي تعلق بتلك الفتاة – من غير تواصل ولا مخالطة – يمكنه أن يجد سعادته مع فتاة أخرى ، يخطبها ويعقد قرانه عليها ، فيبدأ قلبه بتحويل بوصلته نحوها ، فيسمع حديثها ويرى من صفاتها وأخلاقها ، فحينئذ لن يملك القلب إلا أن يتجاوز ما مضى ، ويتمسك بحاضره الجديد ، وسعادته القادمة ، فتلك هي الطبيعة البشرية التي فطرنا الله عليها ، ولولا ذلك لمات البشر عند أول فاجعة ، ولما عمرت الأرض رغم ما فيها من كوارث وأحزان .
قد لا يكون كلامنا – من منظورك العاطفي – علاجا في الصميم ؛ لكنك استشرتنا ونحن مؤتمنون على نصحك ، ونستطيع أن نؤكد لك ونطمئنك أن ستة أشهر – كما يقول خبراء النفس - أو أقل كفيلة بتطهير قلبك من ذلك التعلق الوهمي ، واستعدادك بعدها لبدء حب زوجي شرعي جديد ، فما مضى فات وانقضى ، وإياك أن تستمر بالتفكير فيه ، فالفتاة قد تزوجت وذهبت إلى أسرتها الجديدة ، وسواء كانت تحبك ـ يوما ما ـ حقيقة ، أو كان ذلك محض وهم منك ، فقد فات وقت ذلك كله . وسواء كانت هي سعيدة في زواجها أم شقية ، فليس ذلك من شأنك ، ولا يجوز لك التفكير فيه ، والشيطان هو الذي يوحي إليك باستمرار حبها لك وتعلقها فيك ، ولو كان ذلك صوابا : فالوقت قد فات ، وزواجها سينسيها الماضي ويشغلها بالحاضر ، كما يجب أن ينسيك أنت أيضا ، ويشغلك بحاضرك ومستقبلك .
أما ذلك الذي تعدى على بياناتك الشخصية ، واستعملها في الإفساد : فأمره إلى الله عز وجل ، إن كان قد فعل ذلك حقا فسيجازيه الله سبحانه .
وأما من جهتك أنت ، فرأينا أن تنظر إلى الأمر بإيجابية ، فقد سخر الله تعالى لك ما حصل ، ليصرف عنك ذلك الزواج ؛ فمن يدري ماذا كانت تجريه عليك الأقدار ، لو أن زواجك من هذه الفتاة قد تم ؟!
فاحمد الله سبحانه على كل حال ، وتأسَّ بمن حولك ، تجد مئات النماذج من الشباب والرجال الذين تمكنوا من تجاوز علاقات قديمة ، واستئناف حياة جديدة ، وقد لا يكون بعضهم من أهل الالتزام والاستقامة ، فمثلك أولى بذلك ، وأقدر على البحث عن فتاة خلوقة تلائمك ، وتستكمل معها مشوار حياتك ، فالنساء جنس واحد ، في الصالحات منهن خير كثير ، وما عليك سوى الاجتهاد في البحث ، وسؤال الله التوفيق .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب