الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أختها على وشك البلوغ وتريد تعليمها أحكام الطهارة

214990

تاريخ النشر : 31-01-2015

المشاهدات : 13750

السؤال


سؤالي بخصوص أختي الصغرى التي ستبلغ سن الحيض عمّا قريب ، فهل أكون أنا أول من يخبرها بكيفية الغسل والتطهر والأمور المتعلقة بهذه الحالة ؟ لأني على يقين بأن أمي لا تعرف هذه التفاصيل ، وهل ينبغي عليّ توعية أمي أيضاً ؟ سيكون الأمر غريباً بعض الشيء ، إذ كيف لابنة أن توعي أمّها! وكيف أتوصل إليها بذلك ؟ وماذا لو أن امرأة لم تحض بعد ، ولكنها ترى إفرازات مهبلية ، فهل يجب عليها الغسل ؟ يرجى التنبه إلى أنها تخرج منها مرات متعددة في اليوم ، وسيكون الغسل في كل مرة أمراً شاقاً.

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
ليس من شك في أن تعليم الأبناء ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ، هو من جملة التأديب الواجب ، والرعاية التي أوجبها الشرع على الوالدين ، نحو أبنائهم ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم/6 .
" قال مجاهد رحمه الله : " اتَّقُوا اللَّهَ ، وَأَوْصُوا أَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ : يَأْمُرُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَأَنْ يقومَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ ، وَيَأْمُرَهُمْ بِهِ وَيُسَاعِدَهُمْ عَلَيْهِ ، فَإِذَا رَأَيْتَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً ، قَدعتهم عَنْهَا وَزَجَرْتَهُمْ عَنْهَا.
وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ ، مِنْ قَرَابَتِهِ وَإِمَائِهِ وَعَبِيدِهِ ، مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُا " انتهى مختصرا من "تفسير ابن كثير(8/167).

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) . رواه البخاري ( 853 ) - واللفظ له - ، ومسلم ( 1829 ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ) رواه مسلم (1159) .
قال النووي ـ رحمه الله : " قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الصغار ما سيتعين عليهم بعد البلوغ ، فيعلمه الولي الطهارة والصلاة والصوم ونحوها ويعرفه تحريم الزنا واللواط والسرقة وشرب المسكر والكذب والغيبة وشبهها : ويعرفه أن بالبلوغ يدخل في التكليف ويعرفه ما يبلغ به . " انتهى من "المجموع"(1/26) ، وينظر : "المجموع " ، أيضا(3/11).
ثانيًا:
إذا كانت والدتك لا تعلم الأحكام المترتبة على البلوغ ، كما يحصل كثيرا في البلدان التي تبعد عن العلم وأهله كبعض البوادي ، أو بلاد الغرب ، أو نحو ذلك ، فالواجب أن يقوم بمهمة التعليم والدعوة إلى الله : من تعلم ذلك من الأسرة ، سواء كان ولدا أو بنتا ، ثم الأقرب ، فالأقرب .
وما دمت قد تعلمت شيئا من أحكام الشرع التي يحتاج إليها ، وكنت تعلمين أن أختك على وشك البلوغ ، فالواجب عليك أن تعلميها ما تحتاج إليه من الأحكام ، وتخيري لذلك طريقة حسنة مناسبة .
بل نحن نظن أن تعلميك لها ربما كان أنفع وأيسر من تعليم الوالدة ، نظرا لتقاربكما في السن ، وسهولة التفاهم بينكما .
ثم تعلمين الوالدة أيضا ما تحتاج إليه من أحكام الدين ، التي تظنين أنها لا تعرفها .
واستعيني على ذلك أيضا ، مع التعليم المباشر ، بإرشاد الوالدة إلى القنوات الإعلامية الشرعية المفيدة ، كمواقع الإنترنت التعليمية الموثوق بها ، والفضائيات الإسلامية المستقيمة على طريق أهل السنة ، إن كان هناك ما يفيد الأسرة ، بلغة يعرفونها .
ولا شيء في ذلك يدعو للغرابة ، أو الخجل ، أو نحو ذلك ؛ فما زال في الناس من يجهل أحكاما كثيرة يحتاجها ، وعلى من عرفها أن يساعده في تعلمها ، سواء كان صغيرا ، أو كبيرا .

عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : " جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ .." البخاري(130) ، ومسلم (313) .
قال النووي ـ رحمه الله ـ :
" وَإِنَّمَا قَالَتْ هَذَا اِعْتِذَارًا بَيْن يَدَيْ سُؤَالهَا عَمَّا دَعَتْ الْحَاجَة إِلَيْهِ : مِمَّا تَسْتَحْيِي النِّسَاء - فِي الْعَادَة - مِنْ السُّؤَال عَنْهُ , وَذِكْره بِحَضْرَةِ الرِّجَال .
فَفِيهِ : أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَضَتْ لَهُ مَسْأَلَة أَنْ يَسْأَل عَنْهَا , وَلَا يَمْتَنِع مِنْ السُّؤَال حَيَاء مِنْ ذِكْرِهَا , فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقِيّ لِأَنَّ الْحَيَاء خَيْر كُلّه , وَالْحَيَاء لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ , وَالْإِمْسَاك عَنْ السُّؤَال فِي هَذِهِ الْحَال لَيْسَ بِخَيْرٍ , بَلْ هُوَ شَرٌّ ؛ فَكَيْف يَكُون حَيَاء ؟! ... وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : نِعْمَ النِّسَاء نِسَاء الْأَنْصَار , لَمْ يَمْنَعهُنَّ الْحَيَاء أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّين . وَاللَّهُ أَعْلَم " . انتهى من " شرح مسلم " (3/224).
ثالثًا :
الإفرازات المهبلية التي تنزل من المرأة عدة مرات كل يوم لا توجب غسلًا ؛ وإنما يجب الغسل بسبب الجنابة ، أو طهارة المرأة من الحيض .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (50404) .
وانظري للفائدة جواب سؤال رقم : (99507) في الفرق بين المني والمذي والرطوبة .

والله أعلم ..

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب