الحمد لله.
هذه العبارة أصلها وارد عن سفيان بن عيينة رحمه الله أنه قال : " لا تكن مثل العبد السوء لا يأتي حتى يُدعَى , ائت الصلاة قبل النداء ، قال رجل : من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة " رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/285) ، وذكره الزمخشري في " ربيع الأبرار " (2/282) عن عامر بن عبد قيس .
وهذه العبارة يمكن أن تحمل على أحد المحامل الصحيحة التي لا محذور فيها .
أولا :
يمكن فهم كلامه رحمه الله أنه يريد من يكره حضور الجماعة ، ويتثاقل عنها ، ويراها ساعة شقاء وعناء ليس أكثر ، تماما كما هو الخادم السيئ الذي لا شيء أبغض عنده من الساعة التي يطلبه فيها سيده ليخدمه .
وهذا معنى صحيح ، فمن يبغض صلاة الجماعة رغم ما فيها من الأجر والفضل والخير ، ويتثاقل عنها حتى يُقاد إليها كأنه مكره ، فمِثلُه يلحقه من الذم بحسب ما في قلبه .
وليس هذا - ولا شك - حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، بل كان حالهم هو الاشتياق إلى الصلاة ، والسعادة بها ، وانتظارها وترقبها ترقب الحنين إليها ، مع احتساب أجر ذلك عند الله سبحانه وتعالى .
ثانيا :
أن يكون مراده ( قبل النداء ) أي : قبل الإقامة ، فالإقامة تسمى نداء ، بدليل نقله ( عن رجل ) ولم يسمه سفيان رحمه الله أنه قال : ( من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة )
والحال الغالب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يجتمعون للصلاة قبل إقامتها ولا شك ، ولا يتأخر عن الإقامة أحدهم إلا لعذر يحجزه عن ذلك ، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فكما هو معلوم من سنته كان يصلي الراتبة في بيته ثم يخرج إلى الصلاة عند إقامتها ، وهذه هي السنة للإمام – إن استطاع – أن يصلي الراتبة في بيته ثم يأتي المسجد عند إقامة الصلاة . وعليه فلا يرد استشكال السائل الوارد في سؤاله .
ثالثا :
يمكن أن يقال : إن التشبيه ليس على ظاهره ، ولا أراد سفيان بن عيينة حقيقته ، وإنما أراد الحث على التبكير إلى الصلاة ، واستعمل هذا المثال والتشبيه زيادة في تأكيد حثه والتنفير من التأخير عن الصلاة .
ولا يخفى ما في التبكير إلى صلاة الجماعة من فضل جليل ، وثواب عظيم ، سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم : (101766) .
والله أعلم .
تعليق