الحمد لله.
أولا :
ما قام به هذا الرجل من الزنا بهذه المرأة المتزوجة ، وتحريضها على فراق زوجها وطلب الطلاق منه : جرم عظيم ، وإثم كبير ، وفاحشة مبينة تكشف عن ضعف ديانة فاعلها ، وقلة اكتراثه بحدود الله عز وجل , لأن الزنا جريمة شنيعة في كل الشرائع السماوية كما هو معلوم , وتخبيب المرأة وإفسادها على زوجها إثم عظيم , مضاف إلى إثم الزنا ، ورد فيه الوعيد الشديد وذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي رحمه الله : " ( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ، أي : خدع وأفسد ( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها انتهى من " عون المعبود " (6/159 ) .
وقال رحمه الله – أيضا - : ) مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها ، أو يزوجها لغيره أو غير ذلك " انتهى من " عون المعبود " (14/52 ).
ثانيا:
ما قامت به المرأة من الزنا مع ذلك الرجل جريمة عظيمة ، وخيانة لحق زوجها عليها ،
وإفساد لفراشه , وهذه الجريمة عقوبتها في حق المتزوج ، سواء كان رجلا أو امرأة :
الرجم بالحجارة حتى الموت ، كما هو معلوم من السنة المتواترة .
وأيضا فإن طلبها الطلاق من زوجها دون سبب يستوجب ذلك ، أمر محرم ورد فيه الوعيد
الشديد وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا
طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ ) رواه أبو
داود (1187) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ثالثا :
ذهب بعض أهل العلم إلى أن من أفسد امرأة على زوجها : لم يحل له أن يتزوجها ، بل
تحرم عليه على التأبيد ، وهو مذهب المالكية.
ولكن جمهور العلماء يرون صحة النكاح ، مع إثمهم فيما وقعوا فيه , وقد سبق بيان ذلك
في جواب السؤال رقم : (84849) .
والذي يظهر في هذه النازلة :
أن هذا الرجل ما دام قد ندم على ما فعل ، وندمت كذلك المرأة , وكانا قد تابا إلى
الله سبحانه من جريمة الزنا قبل الزواج , فعليهما أن يحدثا توبة صادقة نصوحا لما
حدث منهما من تآمر على الزوج الأول وإفساد لبيته , وليكثرا من الأعمال الصالحة
المكفرة ما استطاعا إلى ذلك سبيلا ، فقد قال الله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ
طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود / 114 ، وعن أبي ذر رضي الله
عنه قال لي رسول الله صلى عليه وسلم : ( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ ،
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا...) رواه الترمذي (1987) وحسنه
الألباني في " صحيح سنن الترمذي "
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
والصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ) رواه الترمذي (614) وصححه
الألباني في " صحيح سنن الترمذي . "
ولا يلزمهما ، بعد التوبة ، أن يفارق أحدهما الآخر ، كما هو مذهب جمهور أهل العلم ، ومنهم الأحناف ؛ خصوصا وقد أنجبا أطفالا ، وصارت لهما ذرية ستتضرر من هذا الفراق .
وللفائدة : ينظر جواب السؤال رقم : (216816) .
والله أعلم
تعليق