الحمد لله.
الطلاق حق للزوج جعله الله سبحانه له يوقعه على زوجته عند الحاجة إليه , وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بقوله : ( إنّما الطّلاق لمن أخذ بالسّاق ) رواه ابن ماجه ( 2072 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجه " .
قال الماوردي رحمه الله في
شرح الحديث " فجعله (الطلاق) إلى الأزواج دون غيرهم " .
انتهى من " الحاوي الكبير" (10/356) .
وجاء في " البيان في مذهب الإمام الشافعي " (10/318) : " والزوج هو الذي يأخذ
بالساق " انتهى .
وقال عمر رضي الله عنه : "
إنما الطلاق بيد الذي يحل له الفرج " .
انتهى من " المغني " لابن قدامة (7/355) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع " (12/490) : " وقد أضاف الله - تعالى - النكاح والطلاق للزوج نفسه ، فقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ ) [الأحزاب: 49] ، فأضاف الله الطلاق للناكح ، فيكون الطلاق بيده " انتهى .
وعلى ذلك : فلا يجوز للمحكمة
ولا لغيرها أن تتقدم بين يدي الزوج في أمر تطليق زوجته .
وفي الحالة المذكورة في السؤال : إذا كان الزوج قد طلق زوجته طلقة واحدة فقط ؛
فإنها وحدها هي التي تقع ، ولا عبرة بما هو مكتوب في الأوراق الرسمية التي وقع
عليها , ما دام أنه لم يقصد بذلك تطليقها ثلاثا .
وإنما قلنا ذلك لأنه بتوقيعه يعتبر قد كتب الطلاق , وكتابة الطلاق من قبيل الكناية
، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (72291)
، والكناية لا يقع الطلاق بها إلا بنية إيقاعه ؛ فإذا كان لم يقصد بهذا التوقيع
إيقاع الثلاث : فلا شيء عليه , ولا يلزمه سوى التطليقة التي أوقعها على زوجته ,
وهذه التطليقة تقع رجعية ما دام أنها لم تكن على عوض أو مال , ولم تكن الثالثة .
وبناء على ما سبق : فإن الزوج يملك معها مراجعة زوجته ، ولو بدون علمها ، أو بدون رضاها ، إذا كانت لا تزال في عدتها .
فإذا كانت عدتها قد انقضت :
فله أن يتزوجها من جديد ، بعقد ومهر جديدين ، وتحسب عليه الطلقة الماضية .
مع التنبيه على أن الراجح من كلام أهل العلم - وهو المفتى به هنا في الموقع - أن
الزوج إذا أوقع الطلاق على زوجته ثلاثا فإنها تحتسب واحدة ، وإنما يكون الطلاق
ثلاثا : إذا طلقها ثلاث طلقات متفرقات : يطلق ، ثم يراجع ، وقد سبق بيان ذلك في
الفتوى رقم : (96194) .
والله أعلم .
تعليق