الحمد لله.
أولاً :
ذهب الشافعية والحنابلة : إلى أن الجمعة لا تصح إذا كان الحضور لها أقل من أربعين رجلاً .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (27/203) : " وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : أَنْ لَا يَقِلَّ الْمُجْمِعُونَ عَنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا تَجِبُ فِي حَقِّهِمْ الْجُمُعَةُ . قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي : أَمَّا الْأَرْبَعُونَ ، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ : أَنَّهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَصِحَّتِهَا " انتهى .
والقول الثاني في المسألة :
أن حضور أربعين رجلا ليس شرطاً لصحة الجمعة ، فتصح الجمعة بأقل من هذا العدد ، وهذا
مذهب الحنفية ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله .
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله : " شَرْطُ صِحَّتِهَا ( يعني صلاة الجمعة ) أَنْ
يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ ؛ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى
أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْجَمَاعَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي
مِقْدَارِهَا ، فَمَا سبق هو قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ . وَقَالَ أَبُو
يُوسُفَ : اثْنَانِ سِوَى الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُمَا مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثةٌ"
انتهى بتصرف يسير من " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " (2/162) .
وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله – عند ذكره لشروط صحة الجمعة - : " وَعَنْ الإمام
أحمد : تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ ( يعني : الجمعة ) . اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ ( يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله )" انتهى من " الإنصاف " (2/379)
، وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (7718)
.
ثانياً :
من ذهب إلى اشتراط حضور أربعين رجلا وكان مع الإمام أقل من هذا العدد فإنه لا يصلي
معه الجمعة ، لأنه يعتقد بطلانها ، ويصليها ظهرا .
وكذلك الإمام إذا كان يعتقد اشتراط حضور أربعين رجلا وكان المأمومون لا يشترطون ذلك
، وكانوا أقل من أربعين رجلا ، فإنه لا يصلي بهم إماما ، لأنه يعتقد بطلان الصلاة .
قال الماوردي – من الشافعية – رحمه الله : " وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي
الْجُمُعَةِ يَرَى أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا ،
وَكَانَ الْمَأْمُومُونَ وَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا يَرَوْنَ
انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ
أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ .
وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ
رَجُلًا وَالْمَأْمُومُونَ لَا يَرَوْنَهُ وَهُمْ أَقَلُّ ، لَمْ يَلْزَمْ
الْإِمَامَ وَلَا الْمَأْمُومِينَ إقَامَتُهَا ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ لَا
يَرَوْنَهُ ، وَالْإِمَامَ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَنْ يُصَلِّيهَا " .
انتهى من " الأحكام السلطانية " .(ص/167) .
وقال الشيخ منصور البهوتي – من الحنابلة - رحمه الله : "وَلَوْ رَأَى ، أَيْ :
اعْتَقَدَ الْإِمَامُ اشْتِرَاطَ عَدَدٍ فِي الْمَأْمُومِينَ فَنَقَصَ عَنْ ذَلِكَ
الْعَدَدِ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ ؛ لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً يَعْتَقِدُ
بُطْلَانَهَا ، وَلَزِمَهُ اسْتِخْلَافُ أَحَدِهِمْ ؛ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ
لِيُؤَدُّوا فَرْضَهُمْ ، وَلَوْ رَآى الْمَأْمُومُونَ الْعَدَدَ دُونَ الْإِمَامِ
، لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِعَدَمِ مَنْ يُصَلِّي
مَعَهُ . وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَلِاعْتِقَادِهِمْ بُطْلَانَ جُمُعَتِهِمْ "
انتهى من " كشاف القناع " (2/30) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وإذا كان بالعكس الإمام لا يرى العدد أربعين ،
والتسعة والثلاثون يرون العدد أربعين ، فلا يصلون جمعة ؛ لأن التسعة والثلاثين
يقولون : نحن لن نصلي فيبقى واحد ، فلا تنعقد به الجمعة فيصلون ظهراً " انتهى من "
الشرح الممتع " (5/41) .
وحاصل الجواب : أن من رأى اشتراط هذا العدد ( حضور أربعين رجلا ) لصحة صلاة الجمعة
لم يُصلِّ الجمعة في حضور أقل من هذا العدد ، بل يصليها ظهرا .
والله أعلم.
تعليق