الحمد لله.
أولا :
ينبغي أن يتقدم الناس لإمامة الصلاة من يحسن القراءة ولا يخطئ فيها ، فإن أخطأ في قراءة الفاتحة خطأ يغير المعنى فقد ذهب كثير من العلماء إلى عدم صحة الصلاة خلفه ، وإن كان خطؤه لا يغير المعنى فالصلاة خلفه صحيحة ، وإن كان الأولى أن يتقدم للإمامة من يحسن القراءة .
انظر جواب السؤال رقم : (146489) .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" إذا كان إخلاله بالفاتحة يخل بالمعنى ؛ فهذا لا تجوز الصلاة خلفه إلا لمن هو مثله ؛ لأن قراءة الفاتحة على الوجه الصحيح ركن من أركان الصلاة ؛ فلا تصح الصلاة خلف من يلحن فيها لحنا يخل بالمعنى ؛ كما لو كان يقرأ (أَنعَمتَ عليهم ) : (أنعمتُ) ؛ بالضم ، أو : (الْعَالَمِينَ) : (العالِمين) ؛ بكسر اللام ؛ هذا يخل بالمعنى؛ فلا يجوز الصلاة خلف من هذه حاله .
أما إذا كان اللحن لا يحيل المعنى ؛ فهذا أيضا لا يجعل إماما وهناك من هو أحسن منه قراءة ".
وقال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (1/ 349):
" وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا- يعني الفاتحة - مُرَتَّلَةً مُعْرَبَةً ، يَقِفُ فِيهَا عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ ، وَيُمَكِّنُ حُرُوفَ الْمَدِّ وَاللِّينِ ، مَا لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ إلَى التَّمْطِيطِ ، فَإِنْ انْتَهَى ذَلِكَ إلَى التَّمْطِيطِ وَالتَّلْحِينِ كَانَ مَكْرُوهًا " انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ رَجُلٍ إمَامِ بَلَدٍ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ ، وَفِي الْبَلَدِ رَجُلٌ آخَرُ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ ، فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَمْ يُصَلِّ
خَلْفَهُ وَتَرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ هَلْ يَأْثَمُ بِذَلِكَ ؟ وَاَلَّذِي يَكْرَهُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يُصَحِّحُ الْفَاتِحَةَ وَفِي الْبَلَدِ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَأَفْقَهُ .
فَأَجَابَ :
" الْحَمْدُ لِلَّهِ . أَمَّا كَوْنُهُ لَا يُصَحِّحُ الْفَاتِحَةَ فَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الْخَلْقِ مِنْ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ يَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ قِرَاءَةً تُجْزِئُ بِهَا الصَّلَاةَ ، فَإِنَّ اللَّحْنَ الْخَفِيَّ وَاللَّحْنَ الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ، وَفِي الْفَاتِحَةِ قِرَاءَاتٌ كَثِيرَةٌ قَدْ قُرِئَ بِهَا.
وَلَوْ قَرَأَ: (رَبِّ الْعَالَمِينَ بِالضَّمِّ أَوْ قَرَأَ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بِالْفَتْحِ لَكَانَ هَذَا لَحْنًا لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ " انتهى ملخصا من " مجموع الفتاوى " (23/ 367-368) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (13 /223) عن تكبيرة الإحرام :
" لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الاِحْتِرَازِ فِي التَّكْبِيرِ عَنْ زِيَادَةِ تَغَيُّرِ الْمَعْنَى ، فَمَنْ قَال : ( آللَّهُ أَكْبَرُ ) بِمَدِّ هَمْزَةِ " اللَّهُ " أَوْ بِهَمْزَتَيْنِ أَوْ قَال اللَّهُ أَكْبَارُ لَمْ يَصِحَّ تَكْبِيرُهُ .
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا كَذَلِكَ فِي أَنَّ زِيَادَةَ الْمَدِّ عَلَى الأْلِفِ الَّتِي بَيْنَ اللاَّمِ وَالْهَاءِ مِنْ لَفْظِ الْجَلاَلَةِ لاَ تَضُرُّ ؛ لأِنَّ زِيَادَةَ الْمَدِّ إِشْبَاعٌ لأِنَّ اللاَّمَ مَمْدُودَةٌ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ زَادَ فِي مَدِّ اللاَّمِ وَلَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ زَائِدٍ " انتهى .
والذي يقف قليلا على اللام المشددة في لفظ الجلالة ( الله) أو اللام الساكنة في (المستقيم) لم يغير المعنى ولم يزد حرفا ، فالصلاة خلفه صحيحة .
والله تعالى أعلم .
تعليق