الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

تخريج حديث : ( لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي وَأُعْفِيَ لِحْيَتِي ) .

218487

تاريخ النشر : 13-07-2014

المشاهدات : 54418

السؤال


أسأل عن الحديث التالي : وهو أن قوما جاءوا من فارس حليقي اللحى ، موفري الشارب ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أمركم بهذا ؟ ) ، قالوا أمرنا ربنا ، قال : ( ولكن ربي أمرني أن أحلق شاربي ، وأوفر لحيتي ) ، هل هذا الحديث صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.


قال ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (1/ 347) :
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بن سهل عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : " جَاءَ مَجُوسِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْفَى شَارِبَهُ وَأَحْفَى لِحْيَتَهُ فَقَالَ : ( مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ ) ، قَالَ: رَبِّي ، قَالَ : ( لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي وَأُعْفِيَ لِحْيَتِي ) .
وهذا إسناد مرسل صحيح .
وقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 346):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ حُصَيْنٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ , قَالَ : " كَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَامَ : أَنِّي نُبِّئْتُ أَنَّ رَجُلًا يَقُولُ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ , فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ فَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ ، وَلَا يَكُنْ مِنَ النَّاسِ فِي شَيْءٍ ، وَإِلَّا فَلْيُوَاعِدْنِي مَوْعِدًا أَلْقَاهُ بِهِ , قَالَ: فَأَرْسَلَ بَاذَامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ حَالِقِي لِحَاهُمَا ، مُرْسِلِي شَوَارِبِهِمَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا يَحْمِلُكُمَا عَلَى هَذَا ؟ ) ، قَالَ: فَقَالَا لَهُ: يَأْمُرُنَا بِهِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ , قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَكِنَّا نُخَالِفُ سُنَّتَكُمْ , نَجُزُّ هَذَا وَنُرْسِلُ هَذَا ) .
وهذا أيضا مرسل صحيح الإسناد ، وعبد الله بن شداد تابعي كبير .
وقال الطبري في " تاريخه " (2/ 654):
حَدَّثَنَا ابْنُ حميد ، قال: حَدَّثَنَا سلمة ، عن محمد بن إِسْحَاقَ عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ .. فذكر الحديث ، وفيه : " ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا، وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا، فَكَرِهَ النَّظَرَ إليهما، ثم أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : ( وَيْلَكُمَا! مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا ؟ ) ، قَالا: أَمَرَنَا بِهَذَا رَبُّنَا- يَعْنِيَانِ كِسْرَى- ، فَقَالَ رسول الله : ( لَكِنَّ رَبِّي قَدْ أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي) .
وهذا مرسل أيضا ، ولكن إسناده واه ، ابن حميد كذبه ابن خراش وأبو زرعة الرازي ، وقال النسائي: ليس بثقة .
" ميزان الاعتدال " (3/ 530) .
وقد رواه أبو نعيم في " دلائل النبوة " (ص 350) عن ابن إسحاق قال : ... فذكر الحديث ، وفيه : وَقَدْ دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ: وَيْلَكُمَا مَنْ أَمْرَكُمَا بِهَذَا؟ قَالَا: أَمَرَنَا بِهَذَا رَبُّنَا يَعْنِيَانِ كِسْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَكِنَّ رَبِّي قَدْ أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي )
وقال الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (592) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : " أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْعَجَمِ الْمَسْجِدَ وَقَدْ وَفَّرَ شَارِبَهُ وَجَزِّ لِحْيَتَهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا ؟ ) ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنَا بِهَذَا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُوَفِّرَ لِحْيَتِي وَأُحْفِيَ شَارِبِي ) .
وعبد العزيز بن أبان متهم ، قال يحيى: كذاب خبيث ، حدث بأحاديث موضوعة .
وقال أحمد : لا يكتب حديثه ، وقال البخاري: تركوه .
"ميزان الاعتدال" (2/ 622) .
وقال ابن بشران في " أماليه " (128) :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ الْأَنْصَارِيُّ الْأَبْزَارِيُّ بِالْكُوفَةِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ الْأُبَيْسِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا عِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجُوسِيُّ قَدْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ وَأَعْفَى شَارِبَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَيْحَكَ ، مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ ) ، قَالَ: أَمَرَنِي بِهِ كِسْرَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَكِنِّي أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُعْفِيَ لِحْيَتِي، وَأَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي ) .
وعصمة بن محمد متهم أيضا ، قال يحيى: كذاب ، يضع الحديث ، وقال العقيلي: حدث بالبواطيل عن الثقات ، وقال الدارقطني وغيره : متروك .
" ميزان الاعتدال " (3/ 68) .

والحاصل :
أن الحديث إنما يصح مرسلا .
وقد حسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " تخريج فقه السيرة " (ص359) ، فلعله باعتبار تعدد طرقه ، وصحة إرساله من طريقين .
وقد ذكره غير واحد من أهل العلم في مصنفاتهم ، كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وغيرهما .
أما حكم حلق الحية : فحرام ؛ والواجب توفيرها وإعفاؤها .
وينظر جواب السؤال رقم : (1189) ، (177699) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب